الأسهمالاقتصادية

كيف تصنع الثروات عبر اكتشاف القيمة الحقيقية للأسهم ؟

في صخب الأسواق المالية وتقلباتها اليومية، يظل مبدأ “القيمة” هو البوصلة الحقيقية التي تقود المستثمرين الناجحين إلى عوائد مستدامة وطويلة الأمد.

لا يختلف الاستثمار عن الصناعة التحويلية؛ فكما يُقاس النجاح في المصنع بالربح الناتج عن الفارق بين تكلفة المدخلات وسعر المنتج النهائي، ينظر المستثمر الحكيم إلى الأسهم من منظور القيمة المضافة.

هذه القيمة هي الفارق الجوهري بين القيمة الحقيقية (الجوهرية) للشركة وسعر تداولها في السوق. كلما كانت هذه الفجوة أوسع، ارتفعت فرص تحقيق المستثمر لأرباح مجزية وموثوقة.

يُعد منهج الاستثمار القيمي من أكثر الأساليب فعالية لتحقيق عوائد مرتفعة ومستقرة على المدى الطويل. يقوم هذا المنهج على تحديد الشركات التي تُتداول بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية، استنادًا إلى تحليل دقيق للأساسيات المالية القوية، مع عزل الذات عن ضجيج الأخبار اليومية وتقلبات السوق اللحظية.

What Are Different Investing Strategies?

ورغم شهرة هذا النهج من خلال أسماء عملاقة مثل وارن بافت، إلا أن قصص مستثمرين أقل شهرة تثبت نجاحه العملي كاستراتيجية يمكن لأي شخص تبنيها.

آلان ميشام، مؤسس صندوق “أرلينغتون فاليو كابيتال”، هو مثال بارز على نجاعة الاستثمار القيمي البسيط لكنه الصارم. بدأ ميشام رحلته من مكتب صغير في سولت ليك، دون أن يكمل حتى دراسته الجامعية، معتمدًا على فهم عميق للشركات واستراتيجياتها، بعيدًا عن النماذج المالية المعقدة أو استخدام الرافعة المالية.

فمنذ تأسيس الصندوق في عام 1999، ركز ميشام على عدد محدود من الشركات عالية الجودة، محتفظًا بها لفترات طويلة. وكانت النتائج مبهرة: بين عامي 2008 و2019، سجل صندوقه عائدًا تراكميًا بلغ 37.9% ونموًا سنويًا مركبًا بنسبة 18.36%، متفوقًا بذلك على مؤشر “ستاندرد آند بورز 500”.

والأكثر إثارة، أنه حتى في عام الأزمة المالية العالمية 2008، حقق الصندوق مكاسب بنسبة 10.6%. ومثل ميشام، اتبع موهنيش بابراي نهجًا مماثلًا، حيث أسس صندوقه “Pabrai Investment Funds” مستوحيًا فلسفة وارن بافت.

ركّز بابراي على عدد قليل من الشركات الصغيرة ذات القيمة السوقية المنخفضة وغير المحبوبة في السوق، مستثمرًا بجرأة في أسواق ناشئة مثل الهند وتركيا وكوريا الجنوبية، مع الحرص الشديد على إدارة المخاطر بعناية.

What's the best investment strategy to make money in the stock market? It's  not about trading, timing the equity market - The Economic Times

وتلخص فلسفة الاستثمار القيمي في “قوانين الثروة” التي صاغها المستثمر الكندي مايكل لي-تشين: أولاً، التركيز على محفظة محدودة من شركات عالية الجودة.

ثانياً، فهم عميق لطبيعة الأعمال المستثمرة فيها.

ثالثاً، استخدام الأموال بحكمة، بما في ذلك أموال الآخرين.

رابعاً، الاستثمار في قطاعات ذات نمو طويل الأمد. وأخيراً، الاحتفاظ بالاستثمارات لفترات طويلة.

بدأ تشين استثماره بمبلغ نصف مليون دولار في شركة واحدة، وبعد أربع سنوات تضاعف استثماره سبع مرات، ما مكنه من تأسيس شركات أكبر وإدارة أصول تجاوزت 15 مليار دولار لاحقًا.

يؤكد المشترك بين جميع هؤلاء المستثمرين على أن مفتاح النجاح يكمن في التركيز على الشركات المجهولة أو قليلة الاهتمام من السوق في قطاعات متنوعة مثل الطاقة والصناعات الدفاعية وصناعة الغذاء.

كما أنهم يؤمنون بضرورة الاستثمار بعقلية طويلة الأمد، بعيدًا عن التداول النشط والتقلبات قصيرة الأجل، والبحث المستمر عن القيمة الجوهرية للشركة من خلال تحليل شامل لأساسياتها المالية وليس مجرد مضاعفات الربحية السطحية.

تؤكد هذه النماذج أن الاستثمار القيمي ليس مجرد نظرية نخبوية، بل استراتيجية عملية يمكن تطبيقها عبر أسواق متعددة، وتؤتي ثمارها للمستثمرين الذين يتمتعون بالصبر، والانضباط، والفهم العميق لطبيعة الأعمال التي يضعون فيها أموالهم.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى