كيف تتحدى وول ستريت التوترات التجارية وتواصل تسجيل الأرقام القياسية؟

في ظل تصاعد التوترات التجارية وتهديدات الرسوم الجمركية المتكررة من إدارة الرئيس دونالد ترامب، واصلت أسواق الأسهم الأمريكية، وبشكل خاص وول ستريت، تحقيق مستويات قياسية جديدة، مما يطرح تساؤلات حول سر تفاؤل المستثمرين وسط هذه الظروف السياسية والاقتصادية المتقلبة.
بدأت الأزمة مع إعلان “ترامب” في الثاني من أبريل عن فرض رسوم جمركية شاملة، ما تسبب في صدمة أولى للأسواق، لكن تلك الصدمة لم تدم طويلاً بعد أن أعلن البيت الأبيض تعليق تنفيذ تلك الرسوم مؤقتًا، لفتح باب المفاوضات التجارية مع شركاء مثل كندا واليابان والبرازيل، الذين تلقوا خطابات تحذير بفرض رسوم قد تصل إلى 50%، إلى جانب رسوم خاصة على واردات النحاس.
لم يقتصر التهديد على هذه الدول فقط، بل شمل أيضًا الاتحاد الأوروبي والمكسيك، حيث هدّد ترامب بفرض رسوم بنسبة 30% ابتداءً من أغسطس، مما دفع بروكسل إلى التهديد بردود فعل مضادة على الإجراءات الأمريكية.
على الرغم من هذه التوترات، أنهى مؤشر “ناسداك” جلسة التداول الأخيرة عند مستوى قياسي جديد، في مؤشر واضح على تجاهل المستثمرين لهذه التهديدات أو على ثقتهم بعوامل دعم أخرى.
وفقًا لديفيد كيلي، كبير الاستراتيجيين لدى “جيه بي مورجان”، يستند تماسك الأسواق إلى عوامل عدة مثل تزايد الطلب على أسهم الذكاء الاصطناعي، انخفاض أسعار الوقود، توقعات التحفيز المالي المرتقب، وتخفيف القيود التنظيمية.
وأضاف كيلي أن التأثير الكامل للرسوم الجمركية قد لا يظهر إلا في نوفمبر القادم، مما يمنح الأسواق فترة مؤقتة من الاستقرار.
بدوره، يرى جيسون برايد، رئيس استراتيجيات الاستثمار في “جلينميد”، أن المستثمرين يراهنون على حزمة التحفيز المالي المرتقبة التي من المتوقع أن توازن بين الأثر السلبي المحتمل للقيود التجارية.
مع انطلاق موسم إعلان أرباح الشركات الكبرى، جاءت نتائج البنوك الأمريكية اليوم أفضل من المتوقع، مما عزز من ثقة المستثمرين في القطاع المصرفي ورفع من معنويات السوق بشكل عام.
رغم الضغوط التي تتعرض لها قطاعات مثل السيارات والتكنولوجيا جراء الرسوم الجمركية والتشديدات على التصدير إلى الصين، تمكنت العديد من الشركات من تقليل الأثر السلبي من خلال تنويع سلاسل التوريد وزيادة الأسعار.
ومع ذلك، حذر ديفيد كيلي من أن هناك مخاطر متبقية، خاصة في ظل توجهات الإدارة الأمريكية نحو تقليص الوظائف الفيدرالية وتشديد سياسة الهجرة، ما قد يؤثر سلبًا على معدلات البطالة والتضخم، وبالتالي يضغط على توقعات نمو الاقتصاد والأسواق المالية في المستقبل.
يبقى الوضع في غاية الحساسية، لكن حتى الآن، يبدو أن وول ستريت تحافظ على زخمها، مدعومة بعوامل أساسية قوية تخفف من وطأة التحديات السياسية والتجارية.