الاقتصادية

كسر القناعات الخاطئة: كيف تبني علاقة مهنية ناجحة مع مديرك؟

في عالم العمل المتسارع، يسعى كل موظف لتحقيق التميز والتقدم من خلال بناء علاقات مهنية قوية مع المديرين والرؤساء المباشرين.

لكن، كثيرًا ما تعيقنا أفكار ومعتقدات خاطئة حول كيفية التعامل معهم، مما يؤدي إلى نتائج سلبية بعيدة عن الهدف المنشود.

تشير التجارب إلى أن أغلب النصائح الشائعة حول التعامل مع المديرين تستند إلى افتراضات مغلوطة. فبعض الموظفين يفترضون مسبقًا عدم كفاءة مديرهم، ما يخلق حاجزًا نفسيًا يمنع التواصل المفتوح.

بينما يلجأ آخرون إلى التملق أو محاولة كسب ود المدير بأي طريقة، ظنًا منهم أن ذلك يضمن ترقيتهم أو مكاسب شخصية، لكنها غالبًا ما تضر أكثر مما تنفع.

الواقع المؤكد أن العلاقة المهنية الناجحة، بغض النظر عن المكانة الوظيفية، تقوم على قاعدة أساسية وهي التواصل الصريح والشفاف.

هذه القاعدة تمثل حجر الزاوية في بناء بيئة عمل صحية ومثمرة، حيث يكون الحوار البناء والوضوح في التعبير عن الأفكار والملاحظات هما السبيل لتجاوز العقبات.

لكن ما يزيد الأمر تعقيدًا، أن كثيرًا من الموظفين يعترفون بأنهم يلتزمون بقناعات خاطئة راسخة تحول دون اتخاذ خطوات فعلية نحو تحسين العلاقة مع مديريهم. هذه المعتقدات تعيقهم عن تبني أساليب تواصل فعّالة واستراتيجيات ناضجة في التعامل المهني.

احذر هذه المفاهيم الخاطئة في التعامل مع مديرك

1- أداؤك المتميز يغنيك عن توجيهات مديرك

– مهما بلغت خبرتك وكفاءتك في العمل، تبقى بحاجة إلى التوجيه والإشراف لتحقيق النجاح المنشود.

– فالجميع بحاجة ماسة إلى إرشادات واضحة، ومعايير أداء محددة لضمان سير العمل في الاتجاه الصحيح.

– حتى لو كنت أكثر دراية بمهمة معينة من مديرك، فإن عملك جزء من منظومة أكبر تتطلب التنسيق والالتزام بمعايير زمنية وإدارية محددة، وهي مسؤولية المدير المباشرة.

2- الحرية المطلقة شرط للإبداع

– خلافًا للاعتقاد السائد؛ فإن الإبداع لا يعني الفوضى أو العمل خارج الأطر أو القواعد؛ بل يبدأ بفهم واضح للحدود والمتطلبات الأساسية لكل مهمة أو مشروع.

– انطلاقًا من هذا الفهم الواضح للأطر والقواعد، يمكنك حينها أن تضيف لمستك الإبداعية، وأن تبتكر حلولاً جديدة ورؤى خلاقة لتحقيق نتائج مقبولة ومحققة للأهداف.

3- المساواة المطلقة بين الموظفين حق مكتسب

– إذا لاحظت أن زميلاً لك يحظى بمعاملة تفضيلية، أو امتيازات معينة، فقاوم الرغبة في الاستياء والتذمر السريع.

– حاول بدلاً من ذلك أن تفهم أسباب ذلك التميز، وحدد المهارات أو النتائج التي تحتاج إلى تحقيقها لتحظى بنفس التقدير والفرص.

– فالتقييم العادل لأدائك الشخصي هو الأساس، ويجب أن يوجهك نحو التحسين المستمر لزيادة فرصك في الحصول على المكافآت التي تطمح إليها.

4- يكمن سر النجاح في تقليد أسلوب المدير

– ليس مطلوبًا منك أن تقلد أسلوب مديرك في العمل أو أن تتقمص تفضيلاته الشخصية لتنجح.

– الأهم من ذلك هو التأكد من وضوح التوقعات الملقاة على عاتقك، وتوفير كل الموارد اللازمة والضرورية لتحقيقها، وضمان حصولك على تقييمات لأدائك تتسم بالعدل والنزاهة والمصداقية؛ كل ذلك بغض النظر عن الأسلوب الإداري أو الشخصي لمديرك.

– كما يتعين عليك أن تتحقق باستمرار من أن رئيسك في العمل يقدم لك الدعم والمساندة اللازمين لأداء مهامك على أكمل وجه ووفق أعلى المعايير المطلوبة.

5- تكوين صداقة مع المدير استراتيجية رابحة

– في بيئة العمل الاحترافية، تظل الاستراتيجية الأكثر حكمة وفعّالية هي التركيز على إرساء علاقات مهنية قائمة بالدرجة الأولى على إنجاز المهام وتحقيق الأهداف المشتركة.

– أما علاقات الصداقة مع المدراء، حتى وإن نشأت بشكل عفوي وطبيعي خارج إطار العمل المباشر، فإنها تتطلب إدارة شديدة الحذر لضمان ألا تتأثر العلاقة المهنية، أو الصداقة ذاتها، سلبًا بفعل الضغوط والتحديات المهنية التي لا مفر منها.

6- التستر على الأخطاء والمشكلات وسيلة ناجعة لتجنب المتاعب

– على النقيض تمامًا مما يعتقده البعض، فإن الطريقة الأكثر نجاعة والأقل تسببًا في المشكلات ليست إخفاء الأخطاء أو التستر على الصعوبات؛ بل هي الإفصاح الفوري والصريح عن كافة تفاصيل أي خطأ يقع أو أي مشكلة قد تطرأ، مهما بدت صغيرة في البداية.

– فالمبادرة بالتعامل مع الأخطاء والمشكلات فور وقوعها أو اكتشافها يجعل حلها أسهل بكثير وهي لا تزال في مهدها وقابلة للإدارة والاحتواء، قبل أن تتفاقم وتستفحل لتتحول إلى أزمات يصعب السيطرة عليها.

7- تلقي ملاحظات على أدائك يعني أخبارًا سيئة

– ليس صحيحًا البتة أن عدم تلقيك أي ملاحظات أو تعليقات على أدائك يعني بالضرورة أن أداءك متميز.

– في المقابل، فإن تلقي الملاحظات والتعليقات البنّاءة على أدائك يُعد فرصة ذهبية لا تُقدّر بثمن لتحسين مستواك المهني وصقل مهاراتك.

– وينبغي عليك دائمًا أن تنظر إليها على أنها مؤشر إيجابي وقوي على اهتمام الإدارة بتطويرك وتقدمك في مسيرتك المهنية، وليست دليلاً على القصور أو الفشل.

8- إذا كان رئيسك لا يفضل قراءة التقارير، فلا داعي لتوثيق العمل

– أنت مدين لنفسك وللمؤسسة بتوثيق كل ما تقوم به كتابيًا؛ فمعظم المديرين يراقبون أداء الموظفين بشكل عابر فقط، عند تحقيق إنجاز كبير، أو إذا ظهرت مشكلة واضحة.

– ونادرًا ما يوثقون أداء موظفيهم ما لم يُطلب منهم ذلك صراحةً، لذا احرص على الاحتفاظ بسجل محفوظ لعملك؛ فهذا السجل الموثق قد يكون دليلك الوحيد لإثبات جهودك ومساهماتك وقت الحاجة، سواء في التقييمات السنوية أو عند السعي للترقية.

9- إذا لم تكن اجتماعيًا، فستواجه صعوبة في التقدم في بيئة العمل

– لا يعتمد النجاح في بيئة العمل فقط على المهارات الاجتماعية، بل على القدرة على تحقيق نتائج ملموسة بوتيرة ثابتة، مع التكيف المستمر مع المتغيرات.

– ومن ثمَّ، فإن تطوير مهاراتك الإدارية وإتقان إدارة علاقتك بمديرك يمكن أن يعوض عن أي قصور اجتماعي محتمل.

10- المدير مشغول جدًا للقاءات الدورية

– مهما بلغت انشغالات مديرك، تبقى الاجتماعات الدورية ضرورية. لأن التواصل المنتظم يتيح لكما تصحيح المسار، وتجنب المشكلات قبل وقوعها، وضمان سير العمل بشكل سلس.

الدرس المهم هنا هو أن النجاح في بناء علاقة متينة مع المدير لا يأتي من خلال افتراضات مسبقة أو تكتيكات ملتوية، بل عبر تبني أسلوب مهني يعزز الشفافية، ويفتح المجال للنمو الذاتي، ويؤسس لحوار مستمر يُسهم في تحقيق الأهداف المشتركة.

اليوم أمامك فرصة حقيقية لإعادة النظر في هذه التصورات القديمة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والعمل على بناء علاقة مهنية مبنية على الاحترام والتفاهم والاحترافية. هذه الخطوة ستفتح أمامك أبواب النجاح وتضعك على طريق التميز في مسيرتك المهنية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى