طارق حمان من ONEE إلى OCP… طموح أخنوش الذي أجهضته احتجاجات ‘GenZ212’

كانت الأجواء السياسية في المغرب تبدو هادئة نسبياً، لكن تحت السطح، كانت “صفقة عمالقة” على وشك أن تُبرم.
فقبل أن تقتحم “عاصفة GenZ212” المشهد وتُعيد ترتيب الأولويات، كان هناك اسم واحد يتصدر قائمة المرشحين لقيادة صرح اقتصادي هو الأهم في البلاد: المكتب الشريف للفوسفاط (OCP).
الحديث يدور عن طارق حمان، المدير العام الحالي للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE)، والذي كان مرشح رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، للقفز إلى قيادة المجموعة الاستراتيجية.
تشير مصادر متقاطعة إلى أن حمان، الذي راكم تجربة مهمة في شركة “توتال إيرن” قبل أن يلتحق بالقطاع العام، لفت انتباه عزيز أخنوش ليكون مرشحه الأبرز لمنصب أكثر رمزية وتأثيراً: رئاسة OCP.
ويُعتبر حمان “النموذج المثالي” الذي يبحث عنه رئيس الحكومة. فخبرته في TotalEren، حيث أشرف على مشاريع الهيدروجين الأخضر وأنشطة شمال إفريقيا، منحته شرعية قوية في قطاع حيوي.
ويضاف إلى ذلك مساره في “مازن” وإشرافه على برامج الطاقة المتجددة. هو، في نظر المقربين من أخنوش، يمثل الجيل الجديد من الكفاءات المزدوجة التي تجمع بين خبرة الصناعة التقليدية ورؤية الانتقال الطاقي.
في حسابات أخنوش، يُنظر إلى حمان كشخصية “كفؤة، هادئة، وموثوقة”، وقادرة على قيادة مرحلة حاسمة تلتقي فيها مصالح مجموعة OCP العملاقة مع تحولات الطاقة النظيفة، لاسيما مشاريع الهيدروجين الأخضر التي تُعد أولوية حكومية.
ويأتي هذا في سياق يذكر فيه المحللون بتكليف أخنوش لذراعه الأيمن، رشيد الإدريسي الكتوني، بقيادة التحول الطاقي داخل مجموعة أكوا (Akwa Group) عبر تأسيس شركة “صحة غاز”.
فمنذ توليه رئاسة الحكومة، عَمِل أخنوش على تحييد أو إبعاد عدد من الشخصيات القوية التي كانت تُعد مراكز نفوذ موازنة، مثل مولاي حفيظ العلمي، ومحمد بنشعبون، وأحمد رضا الشامي، وشكيب بنموسى، وخالد آيت الطالب.
كل واحد من هؤلاء كان يمثل ثقلاً مؤسساتياً أو فكرياً لا يتماشى مع منطق الولاء الذي أصبح يميز الدائرة المحيطة برئيس الحكومة.
ومع تضييق الدائرة، بدأ الجهاز التنفيذي يتحول تدريجياً إلى منظومة اقتصادية وسياسية مغلقة، حيث أصبحت المناصب العليا أدوات لترسيخ شبكة نفوذ مترابطة يمتزج فيها الاقتصادي بالسياسي، في حين يُنظر إلى الولاءات على أنها أكثر أهمية من الكفاءات المهنية.
لكن حسابات رئيس الحكومة واجهت رياحاً غير متوقعة. فمع تصاعد موجة “GenZ212” التي غيرت المزاج العام وأحدثت ارتباكاً في الخطاب الرسمي، اختفى ملف OCP فجأة من الأحاديث السياسية.
لقد تبدلت الأولويات؛ أصبح الشارع هو مركز الثقل الجديد في المعادلة السياسية، وبدا أي تحرك لإعادة توزيع المناصب الكبرى في هذه اللحظة الحساسة أمراً غير مناسب سياسياً.
ومع ذلك، تشير المصادر المتابعة إلى أن هذا التوقف ليس إلغاءً للمشروع، بل هو تجميد مؤقت، انتظاراً لعودة التوازنات إلى نصابها.
ففي المغرب، غالباً ما تكون التعيينات الاستراتيجية ملفات مؤجلة وليست منتهية؛ قد تُجمّد اليوم، لكنها لا تُنسى أبداً. هل ستعيد التوازنات الهادئة فتح “ملف حمان” لرئاسة OCP؟