صفقة الحليب الإسكتلندي تُثير غضب المزارعين المغاربة: هل يُهدد الإنتاج المحلي؟

يشهد قطاع الألبان في المغرب جدلاً واسعاً بعد إعلان رئيس مجلس التنمية الزراعية الإسكتلندية، بول غرانت، عن مفاوضات مكثفة بين الهيئة الإسكتلندية والمغرب لاستيراد حليب معقم إسكتلندي طازج إلى السوق المغربي.
هذا الإعلان أثار مخاوف واسعة لدى الفاعلين في القطاع الزراعي المغربي، الذين يرون في هذه الخطوة تهديداً للإنتاج المحلي.
أوضح غرانت، خلال مؤتمر على هامش المعرض AgriScot، أن المغرب يمثل هدفاً جذاباً لإسكتلندا في إطار استراتيجيتها « Rising to the Top 2030 »، التي تهدف إلى تحقيق صادرات سنوية بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني بحلول عام 2030.
ويعود هذا الاهتمام إلى اتفاقيات التجارة الحرة التي تسمح بتصدير الحليب المعقم دون حصص أو رسوم جمركية. وقد شهد عام 2023 تقدماً ملحوظاً في هذا الملف بفضل تبادل الزيارات بين المسؤولين من كلا البلدين.
من المُقرر أن تتم عمليات التصدير عبر موانئ غراندسموث وأنفرس إلى الدار البيضاء. ومع ذلك، تُشير التقارير إلى ضرورة استثمارات في إسكتلندا لتطوير منشآت المعالجة والتركيز بهدف تحسين القدرة التنافسية وزيادة مدة الصلاحية للمنتجات.
يؤكد المسؤولون الإسكتلنديون أن الهدف من هذه الخطوة ليس منافسة الإنتاج المغربي أو استبدال واردات حليب البودرة، بل تلبية الطلب المتزايد على منتجات الألبان الراقية في السوق المغربي، مع طموحات مستقبلية للتوسع في أسواق تونس ومصر والجزائر والشرق الأوسط وجنوب أوروبا.
ومن المتوقع إجراء اختبارات الشحن الأولى إلى المغرب في بداية عام 2025، مع توقع بدء تجارة منتظمة في عام 2026.
في المقابل، يُعرب العديد من الفاعلين في القطاع الزراعي المغربي عن قلقهم العميق إزاء هذه التطورات.
فقد وصف T. Ziani، رئيس إحدى التعاونيات في آسفي، هذه القرارات بأنها « غير مدروسة »، مؤكداً أن القطاع المحلي يتعرض لضغوط متزايدة.
يتساءل زيني عن مبرر استيراد الحليب في ظل وفرة الإنتاج المحلي وسلامته، مُنتقداً ما وصفه بالإدارة غير المتسقة للقطاع، ومطالباً بتحقيقات شفافة لتوضيح الدوافع الحقيقية وراء هذه السياسات.
يُشير زيني إلى أن الشركات لا تشتري سوى نصف الكميات المنتجة محلياً، ما يُخلّف فائضاً كبيراً لدى المزارعين. ويُعتبر هذا الوضع « تناقضاً » واضحاً، بحسب زيني، الذي يُضيف أن المساعدات الحكومية، مثل إعانات الأعلاف، لا تكفي لحل هذه المشكلة.
يُطالب الفاعلون في القطاع الزراعي المغربي باتخاذ تدابير فورية لحماية المزارعين وتعزيز الإنتاج المحلي قبل توقيع أي اتفاقيات مع دول أجنبية، مُحذرين من أن مستقبل قطاع الألبان المغربي بات على المحك.
بينما تنظر إسكتلندا إلى المغرب كبوابة لدخول أسواق أخرى في المنطقة، يتطلع المنتجون المغاربة إلى الحصول على ضمانات واضحة وسياسات تحمي قطاعهم من المنافسة غير المتكافئة مع الواردات، مع التأكيد على جودة المنتج المحلي الذي يضاهي، حسب رأيهم، أفضل المعايير الأوروبية.
هذا الوضع المُعقد يُلقي بظلاله على مستقبل قطاع الألبان في المغرب، ويُطرح تساؤلات حول التوازن بين الانفتاح التجاري وحماية الإنتاج الوطني.