روسيا تعرض دعمها للطاقة على المكسيك لتعزيز إنتاج النفط والغاز

في تحرّك يعكس سعي موسكو لتوسيع نفوذها في سوق الطاقة بأمريكا اللاتينية، أعلنت روسيا استعدادها لتزويد المكسيك بالغاز الطبيعي المسال، إلى جانب تقديم تقنياتها المتطورة في مجال الطاقة، وذلك في إطار تعاون ثنائي يتجاوز الجانب التجاري ليحمل أبعاداً استراتيجية واضحة.
وجاء هذا الإعلان عبر بيان للسفارة الروسية في المكسيك نُشر على منصة “إكس”، حيث نقلت تصريحات وزير الطاقة الروسي سيرغي تسيفيليف قائلاً: “نحن نتعاون حالياً مع المكسيك، ولدينا تقنيات متقدمة في مجال الغاز الطبيعي المسال مستعدون لمشاركتها، إضافة إلى تزويد المكسيك بالغاز عند الحاجة”.
وأضاف البيان أن موسكو مستعدة أيضاً لنقل تقنيات متطورة لاستخراج النفط من المناطق الجيولوجية الصعبة، وتقديم حلول مبتكرة لتحسين كفاءة المعالجة، في وقت تواجه فيه المكسيك تحديات متزايدة في قطاع الطاقة، تشمل ضعف البنية التحتية وقلة التمويل.
تأتي هذه الخطوة الروسية في ظل أزمة يعانيها قطاع النفط والغاز المكسيكي. فشركة “بيمكس” الحكومية تحاول جاهدة استعادة زخم الإنتاج، بعد أن فشلت في تحقيق هدف الحكومة بإنتاج 1.8 مليون برميل يومياً.
ورغم تركيزها حالياً على إعادة تشغيل آبار ذات إمكانيات إنتاجية عالية، إلا أن نحو ثلث آبارها البالغ عددها أكثر من 30 ألف بئر لا تزال مغلقة، بسبب مشاكل مالية وتقنية متراكمة.
أما على مستوى الغاز، فتعتمد المكسيك على الولايات المتحدة لتوفير 72% من احتياجاتها، خصوصاً عبر خطوط أنابيب تستخدم لتوليد الكهرباء وتشغيل المصانع.
غير أن هذا الاعتماد الكبير بات يثير مخاوف سياسية، خاصة مع اقتراب عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى المشهد، في ظل احتمالات استخدام واشنطن للغاز كورقة ضغط جيوسياسي.
وقد سبق أن كشفت أزمة عواصف الشتاء في ولاية تكساس عام 2021 هشاشة هذا الاعتماد، حين أدى انقطاع الغاز الأميركي إلى أزمة كهرباء كبرى في المكسيك، ما دفع الحكومة المكسيكية إلى تسريع خططها لبناء مخزون استراتيجي من الغاز قبل حلول عام 2026.
التقارب الروسي-المكسيكي في مجال الطاقة لا يمكن فصله عن السياق الجيوسياسي الأوسع، فروسيا تسعى لتعويض حصتها في الأسواق الأوروبية التي خسرتها بسبب العقوبات الغربية، بينما تسعى المكسيك لتنويع مصادرها وتقليل تبعيتها للولايات المتحدة، خصوصاً في قطاعات حيوية مثل الطاقة.
في ظل هذه المعادلة، يبدو الغاز الروسي خياراً مغرياً بالنسبة للمكسيك، ليس فقط كمصدر بديل، بل كعنصر تمكين في مواجهة ضغوط محتملة من الشمال.