دراسة جديدة تكشف الحاجة إلى إطار قانوني متكامل للذكاء الاصطناعي في المغرب
أبرزت دراسة حديثة صدرت بعنوان “تطوير الإطار القانوني للذكاء الاصطناعي في المغرب.. دراسة تحليلية للمستقبل الرقمي ودروس من التجارب الدولية” وجود فراغ قانوني واضح في تنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي بالمملكة.
وأكدت الدراسة، التي نشرت في العدد الأخير من مجلة الباحث للدراسات والأبحاث العلمية، أن غياب تشريعات شاملة ومتكاملة يزيد من احتمالات ظهور ثغرات قانونية يمكن استغلالها بطرق غير أخلاقية.
ورغم امتلاك المغرب لمجموعة من القوانين الرقمية، مثل القانون رقم 07.03 المعدل للقانون الجنائي لمحاربة الجرائم المعلوماتية، والقانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، فضلاً عن قوانين حماية البيانات الشخصية والأمن السيبراني، ترى الدراسة أن هذه المنظومة تظل قاصرة عن مواكبة التطورات المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وشددت الدراسة على ضرورة صياغة تشريعات جديدة تتناول الأبعاد الأخلاقية والشفافية والمسؤولية والمساءلة في استخدام هذه التقنيات. ودعت إلى وضع معايير واضحة تكفل الاستخدام السليم للذكاء الاصطناعي وتحفظ حقوق الأفراد والمجتمع من المخاطر المصاحبة.
كما أثارت الدراسة مسألة حماية الخصوصية، في ظل القدرات الهائلة للذكاء الاصطناعي على جمع وتحليل البيانات الشخصية. وطالبت بوضع قوانين صارمة تمنع إساءة استخدام هذه البيانات وتحد من مخاطر التمييز أو التلاعب.
وفي جانب آخر، أشارت الدراسة إلى التحديات التقنية المترتبة على التطور السريع للذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن القوانين الحالية باتت عاجزة عن مواكبة هذه التغيرات. واقترحت سن نصوص قانونية مرنة قابلة للتحديث بشكل مستمر، بما يضمن التوفيق بين تشجيع الابتكار وحماية الحقوق الفردية والمجتمعية.
وأشارت الدراسة كذلك إلى أثر الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، محذرة من تداعيات الأتمتة المتسارعة التي قد تؤدي إلى تراجع بعض الوظائف التقليدية. ودعت إلى وضع خطط استباقية تعتمد على التدريب والتأهيل لمساعدة الكفاءات الوطنية على التكيف مع متطلبات سوق العمل الجديدة.
وفي إطار مواجهة هذه التحديات، شددت الدراسة على أهمية التعاون الدولي لتطوير معايير وقوانين مشتركة تنظم الذكاء الاصطناعي، موضحة أن هذا التعاون يساهم في تبادل الخبرات وإيجاد حلول ملائمة للبيئة المغربية.
كما سلطت الدراسة الضوء على دور التعليم والتكوين في تزويد الأجيال القادمة بالمهارات اللازمة، مطالبة بدعم البرامج المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتشجيع البحث العلمي والابتكار لتلبية حاجيات المجتمع وتعزيز تنافسية المغرب دولياً.
واقترحت الدراسة إعداد برامج تدريبية متخصصة لتأهيل الخبرات القانونية والتقنية، داعية إلى إنشاء منصة وطنية تجمع الباحثين والخبراء وصناع القرار لتنسيق الجهود ومواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي.
وفي ختام توصياتها، دعت الدراسة إلى مراجعة شاملة للتشريعات القائمة بهدف سد الثغرات الحالية وإدخال تعديلات تواكب المعايير الدولية، مع التركيز على حماية الخصوصية والملكية الفكرية والأمن السيبراني.
وأوصت بإنشاء هيئة وطنية مستقلة للذكاء الاصطناعي تتولى تقييم المخاطر والفوائد، شريطة توفر الخبرة والنزاهة لضمان الشفافية والفعالية.
وأخيراً، أكدت الدراسة على أهمية التوعية المجتمعية عبر حملات شاملة تشرح مزايا الذكاء الاصطناعي ومخاطره، كفقدان الوظائف والتحيز الخوارزمي، مشددة على ضرورة تبني أساليب مبسطة ومفهومة تصل إلى جميع فئات المجتمع.