توزيعات الأرباح مقابل إعادة شراء الأسهم: أيهما أفضل لعوائد الاستثمار؟
تعد مكافأة المستثمرين من الركائز الأساسية في بناء علاقة قوية بين الشركات ومساهميها، فضلاً عن تعزيز الثقة في أدائها المالي والإداري.
وعلى الرغم من أن الهدف الرئيسي هو تحقيق توازن بين توفير السيولة وتقديم عوائد مجزية، إلا أن النقاش يدور حول الطريقة الأمثل لتحرير القيمة وتعظيم العوائد للمستثمرين.
توفر توزيعات الأرباح دخلاً ثابتًا للمستثمرين في شكل مدفوعات نقدية دورية، إذ تقوم الشركات بتخصيص جزء من أرباحها لهذه المدفوعات، بعد احتجاز قسم منها للاستثمار في المستقبل.
وفي بعض الأحيان، تقدم الشركات توزيعات استثنائية بناءً على نمو الأرباح أو حاجتها للسيولة.
و من مؤيدي توزيعات الأرباح يرون أنها توفر نوعًا من اليقين المالي، حيث تعكس قدرة الشركة على توليد أرباح مستقرة.
الشركات التي تدفع توزيعات أرباح ثابتة تحظى بسمعة عالية وثقة المستثمرين. ومع ذلك، فإن العوائد التي تحققها هذه التوزيعات قد تكون محدودة مقارنة بالقيمة الفعلية للأرباح.
كما تقوم الشركات بإعادة شراء أسهمها من السوق باستخدام فائض نقدي لديها، مما يقلل من عدد الأسهم المتداولة ويرتفع معها مؤشر العائد على السهم. ويُعتبر هذا بمثابة زيادة في قيمة السهم للمساهمين، حيث يمكنهم الاستفادة من هذا الارتفاع إما عن طريق بيع الأسهم أو إعادة استثمارها.
و يعتبر العديد من المستثمرين أن إعادة شراء الأسهم تعد وسيلة أكثر مرونة لتعظيم العوائد الرأسمالية. ولكن عند قيام الشركات بشراء أسهمها في وقت تكون فيه أسعار الأسهم مرتفعة، قد لا تحقق عملية إعادة الشراء النتائج المرجوة.
تعد “كوكاكولا” واحدة من الشركات التي دأبت على دفع توزيعات أرباح ثابتة منذ عام 1920، بينما قامت “آبل” بإعادة شراء أسهم بقيمة 623 مليار دولار منذ عام 2016، وهما مثالان بارزان في السوق العالمي.
وإذا كان “وارن بافت” يفضل الاحتفاظ بأرباح شركته “بيركشاير هاثاواي” وعدم تمريرها إلى المساهمين، فإنه يعتقد في الوقت ذاته أن توزيعات الأرباح هي خيار مناسب في بعض الحالات، مثل عندما تكون الشركة غير قادرة على استثمار أرباحها بشكل فعال.
يُعتبر “بافت” من المؤيدين لعمليات إعادة شراء الأسهم، حيث يرى أن منتقدي هذه الممارسة يفتقرون إلى الفهم الاقتصادي.
ورغم أن “بافت” قد أوقف عمليات إعادة الشراء لشركته في الربع الثالث من العام الماضي، إلا أنه أشار إلى أن ذلك كان بسبب المخاوف من المبالغة في تقييم الأسهم.
بحسب بيانات “جانوس هندرسون”، أعادت أكبر 1200 شركة في العالم شراء أسهم بقيمة 1.31 تريليون دولار خلال عام 2022، في زيادة 22% مقارنة بالعام السابق، مما يعكس تزايد الإقبال على هذه الممارسة.
في العقد الأخير، نمت قيمة عمليات إعادة شراء الأسهم إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بنمو توزيعات الأرباح. وهذا يعكس تحولًا كبيرًا في أسواق الأسهم العالمية، حيث تزايدت أهمية هذه العمليات مقارنة بتوزيع الأرباح التقليدي.
تُفضّل الشركات عمليات إعادة الشراء نظرًا للمرونة التي توفرها مقارنة بتوزيع الأرباح. كما أن الأسواق غالبًا ما تضع ضغوطًا على الشركات عندما تقوم بتخفيض توزيعات أرباحها، في حين أن إعادة شراء الأسهم قد تكون وسيلة لتجنب هذه الضغوط.
على الرغم من أن هناك اعتقادًا شائعًا بأن إعادة شراء الأسهم تخلق قيمة أكبر من توزيعات الأرباح، فإن هذا المفهوم لا يعد صحيحًا بشكل عام. في الواقع، لا يختلف التأثير الناتج عن كلاً من السياسات على القيمة الفعلية للشركة، بحسب دراسة أجرتها “ماكينزي آند كومباني”.
بينما تظل الآراء منقسمة بين الخبراء والمستثمرين حول أي الخيارين هو الأنسب، فإن القرار النهائي يعتمد على سياسة الشركة ورغبات المساهمين.
ويتوقف الاختيار بين توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم على المدى الزمني الذي يتوقع المستثمر جني الأرباح فيه، بالإضافة إلى استراتيجية الشركة في التعامل مع أرباحها.