تقنية استنبات الشعير بجرسيف.. خطوة مبتكرة نحو إنتاج أعلاف مستدامة في مواجهة ندرة المياه
يشهد إقليم جرسيف بروز تجربة فلاحية واعدة ترتكز على تقنية الشعير المستنبت، التي تُعتبر بديلاً مبتكراً لإنتاج الأعلاف الخضراء، في سياق يتميز بتحديات بيئية متزايدة كندرة المياه وتوالي مواسم الجفاف.
تقوم هذه التقنية على إنبات حبوب الشعير في بيئة مغلقة دون الحاجة إلى التربة، مع التحكم الدقيق في عوامل الحرارة والرطوبة والضوء، ما يتيح إنتاج علف غني خلال سبعة أيام فقط.
وتمثل هذه الطريقة خياراً اقتصادياً وبيئياً فعالاً لتوفير علف متوازن للماشية، خصوصاً في الفترات التي تشهد ارتفاعاً في أسعار الأعلاف التقليدية.
وتبرز تجربة تعاونية “إمزداغ نمغران” بجماعة تادرت كنموذج رائد في هذا المجال، من خلال وحدة “الصفصفات” التي توفر الشعير المستنبت لأكثر من 70 فلاحاً من داخل وخارج التعاونية.
عبد القادر سعود، رئيس التعاونية، أكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن التقنية ساعدت على تحسين صحة الماشية وخصوبتها، وتقليص حالات الإصابة بالأمراض، بالإضافة إلى خفض تكلفة التغذية.
وأوضح أن الوحدة تنتج أكثر من طن من الشعير المستنبت يومياً خلال فترات الذروة، بفضل نظام دقيق يبدأ بانتقاء الحبوب، ثم تعقيمها ونقعها، لتوزع في صوانٍ مخصصة، وتُروى بشكل منتظم إلى حين حصادها كاملة.
ومن الناحية التقنية، أشار المهندس المهدي الوادي من المديرية الإقليمية للفلاحة بجرسيف إلى أن وحدة الاستنبات تم إنشاؤها ضمن شراكة مع برنامج “إحياء”، الذي يندرج في إطار استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، بكلفة إجمالية ناهزت 5.5 مليون درهم.
وتعتمد الوحدة بشكل كامل على الطاقة الشمسية، مما يجعلها نموذجاً في الاستقلال الطاقي وخفض انبعاثات الكربون. وتُنتج طناً من العلف يومياً باستخدام 200 كيلوغرام فقط من الحبوب، مع تقليص استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 90%.
كما استفاد أكثر من 350 فلاحاً ومربياً من برامج تكوين ومواكبة تقنية في إطار المشروع، لتعزيز كفاءاتهم وتحسين مردودية نشاطهم الزراعي.
وتشكل هذه المبادرة خطوة استراتيجية نحو تعميم الزراعة المستدامة بالإقليم، من خلال حلول ذكية لضمان الأمن العلفي، والحفاظ على الموارد الطبيعية، ودعم التنمية الفلاحية المتوازنة.
