اقتصاد المغربالأخبار

تقرير دولي: نصف معلمي المغرب يثمنون تقدير المجتمع لمهنة التدريس

أظهر تقرير “تاليس 2024” الصادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) نتائج لافتة تكشف عن وضعية معلمي المغرب، الذين يحظون بتقدير اجتماعي غير مسبوق ومستوى عالٍ من الرضا الوظيفي، رغم التحديات المهنية الكبيرة التي تواجههم.

وفق الدراسة، يرى نصف المدرسين المغاربة أن مهنتهم تلقى احترامًا وتقديرًا داخل المجتمع، وهو معدل يفوق المتوسط الدولي البالغ 22% بأكثر من الضعف.

هذا التقدير المجتمعي ينعكس مباشرة على جذب الشباب للمهنة، حيث أشار 74% من المعلمين الجدد إلى أن التدريس كان خيارهم المهني الأول، مقارنة بـ58% فقط على الصعيد الدولي.

ويشير التقرير إلى أن 92% من المعلمين المغاربة راضون عن وظائفهم، أعلى من المتوسط الدولي البالغ 89%، بينما تقل نسبة الراغبين في مغادرة المهنة بين الشباب دون سن الثلاثين إلى 11%، مقابل 20% دوليًا.

لكن الصورة المضيئة لم تمنع التقرير من تسليط الضوء على تحديات ملموسة تواجه المعلمين، أبرزها الأجور وظروف العمل والضغوط المهنية. ففقط 24% من الأساتذة راضون عن أجورهم، مقابل 39% على المستوى الدولي، ونصفهم فقط أعرب عن رضاهم عن شروط العمل باستثناء الراتب، مقارنة بـ68% دوليًا.

وتبرز الضغوط المهنية بشكل واضح، إذ أشار 70% من المعلمين إلى أن كثرة التصحيح تمثل مصدرًا رئيسيًا للتوتر، بينما أكد 68% أن عدد الحصص الدراسية يشكل عبئًا كبيرًا.

وعلى الرغم من أن دوام المعلم المغربي أقل من المتوسط الدولي (32 ساعة أسبوعيًا مقابل 41 ساعة)، إلا أن وقت التصحيح يفوق المتوسط (6.2 ساعات مقابل 4.6 ساعات)، ما يشير إلى اختلال في توزيع الأعباء بين التدريس المباشر والمهام الإدارية.

كما كشف التقرير عن سمات خاصة بالهيئة التدريسية المغربية، أبرزها صغر سن المعلمين مقارنة بالمستوى الدولي (39 سنة مقابل 45 سنة)، وارتفاع نسبة المعلمين دون الثلاثين (24% مقابل 10% دوليًا)، في حين تظل نسبة النساء في المهنة منخفضة (46% مقابل 70% دوليًا).

وفي ما يتعلق بالتنوع داخل الفصول، يعمل 47% من المعلمين في مدارس تضم أكثر من 10% من التلاميذ الذين لا تتطابق لغتهم الأم مع لغة التدريس، مقارنة بـ25% على المستوى الدولي، إلا أن 80% منهم قادرون على تكييف أساليب التدريس مع هذا التنوع، متفوقين على المتوسط الدولي البالغ 63%.

على صعيد الإدماج، لا يزال دمج التلاميذ في وضعية إعاقة محدودًا، إذ تبلغ نسبتهم 1% فقط مقابل 46% دوليًا. كذلك، يعاني التعليم المغربي من قيود البنية التحتية الرقمية، وهو ما يعيق دمج الذكاء الاصطناعي، حيث أشار 76% من المدرسين غير المستخدمين للأدوات الرقمية إلى غياب البنية التحتية، مقارنة بـ37% دوليًا.

فيما يخص التكوين المستمر، أبدى 69% من المعلمين رضاهم عن أثر هذه البرامج على مهامهم التعليمية، وهو معدل أعلى من المتوسط الدولي البالغ 55%، إلا أن 74% يشتكون من غياب الدعم المؤسسي والحوافز، ما يقلل من فعالية هذه الأنشطة.

في المجمل، يرسم تقرير “تاليس 2024” صورة لمعلم مغربي متحفز ومخلص لمهنته، يحظى بالاعتراف الاجتماعي، لكنه يكافح لتحسين جودة حياته المهنية.

ويشير التقرير إلى ضرورة تدخل عاجل من الجهات المعنية لتحسين الأجور، تقنين الأعباء الإدارية، وتوفير البنية التحتية التكنولوجية اللازمة، لضمان استمرار المعلم المغربي في لعب دوره الحيوي في بناء الأجيال القادمة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى