تقرير: المغرب يحارب الفقر ولكنه يخسر معركة التفاوتات الاجتماعية

كشف تقرير جديد للمندوبية السامية للتخطيط عن معضلة مقلقة تواجه المغرب، فبالرغم من التقدم الملموس الذي أحرزه البلد على مستوى التنمية البشرية ومكافحة الفقر خلال العقدين الماضيين، إلا أن الفوارق الاجتماعية والاقتصادية آخذة في الاتساع، مهددة بتقويض هذه الإنجازات.
يغطي التقرير الفترة ما بين عامي 2000 و2023، ويُظهر صورة تنموية متباينة، حيث لم تسر ثمار التنمية بالتوازي بين جميع الفئات والمناطق.
ففي الوقت الذي استطاع فيه المغرب تحقيق مؤشرات تنمية بشرية مرتفعة وتقليص الفقر المدقع، بقيت الإنجازات حكراً على شرائح معينة ومناطق محددة.
يُؤكد التقرير أن الفوارق بين المناطق الحضرية والقروية لا تزال بنيوية، مع استمرار ضعف الولوج إلى الخدمات الأساسية في الأقاليم الداخلية والجبلية. ففي المقابل، تستفيد المناطق الساحلية والمدن الكبرى بشكل أكبر من النمو والاستثمار، ما يُعمّق من الهوة بين الطرفين.
ورغم أن المدن تستقطب غالبية السكان والنشاط الاقتصادي، فإن التمدن المتسارع لم يكن دائماً مرادفاً لتحسين ظروف العيش. بل يحذر التقرير من تنامي الهاشاشة الحضرية، وهو ما يتجلى في ارتفاع معدلات السكن غير اللائق، وضعف التغطية بالخدمات الاجتماعية، وتزايد بطالة الشباب في المناطق الحضرية.
لا تقتصر الفوارق على البعد الجغرافي، بل تمتد لتشمل الفجوة بين الجنسين. يُشير التقرير إلى استمرار التفاوتات بين النساء والرجال، لا سيما في سوق الشغل والمشاركة الاقتصادية والسياسية، حيث تبقى نسبة توظيف النساء ضعيفة مقارنة بالرجال، مع وجود فجوة في الأجور والتمثيل في مراكز صنع القرار.
وفي ضوء هذه المؤشرات، تدعو المندوبية السامية للتخطيط إلى ضرورة إعادة توجيه السياسات العامة نحو تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية والمجالية، مع التركيز على المناطق والفئات الأكثر هشاشة.
وتُشدد على أهمية تبني مقاربات تنموية تراعي الخصوصيات المحلية وتُعزز من التماسك الاجتماعي، لضمان أن تكون التنمية في المغرب شاملة وعادلة للجميع.