اقتصاد المغربالأخبار

تقرير : المغاربة يتبنون تسامحاً فردياً تجاه المهاجرين لكنهم يدعمون سياسات تقييدية

كشفت دراسة حديثة لشبكة “أفروباروميتر” عن مفارقة اجتماعية واضحة في المواقف المغربية تجاه قضايا الهجرة، حيث يعيش المجتمع المغربي حالة من “التوازن الهش” بين الانفتاح على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، والقلق المتزايد من ضغوط التحديات المعيشية وسوق العمل.

وتُظهر النتائج تبايناً لافتاً بين تقبّل الأفراد لوجود المهاجرين كجيران، والرغبة الجماعية في تقييد أعدادهم ضمن السياسات الوطنية.

تؤكد الدراسة على ارتفاع كبير في مستويات التسامح الشخصي لدى المغاربة؛ حيث أشار 78% من المستجيبين إلى أنهم لا يعارضون وجود عمال أجانب في أحيائهم، بينما لا يمانع 56% في أن يكون جيرانهم من اللاجئين. هذه الروح الإيجابية تتراجع حدتها بشكل ملحوظ عند الانتقال إلى مجال السياسات العامة.

وقد عبّر 51% من المغاربة عن رغبتهم الصريحة في تقليص عدد طالبي اللجوء داخل البلاد. وذهب 45% إلى تأييد الحد من إقامة العمال الأجانب، بل وطالب 9% بمنع دخول اللاجئين بشكل نهائي.

وتشير “أفروباروميتر” إلى أن هذا التباين يعود إلى درجة الأمان الاقتصادي؛ فالمستقرون وظيفياً والأكثر ثراءً هم الأكثر انفتاحاً، على عكس سكان الأرياف، وكبار السن، والنساء، الذين تقل لديهم معدلات التسامح بفعل الهشاشة الاقتصادية.

على الجانب الآخر من المشهد، رصد التقرير مؤشراً مقلقاً للهجرة إلى الخارج. فقد صرّح 44% من المغاربة بأنهم فكروا “جدياً” في مغادرة البلاد، وهي نسبة تقفز إلى 64% بين الفئة العمرية الشابة (18-35 سنة).

وتظل الدوافع الاقتصادية هي المحرك الأبرز، حيث يسعى 50% من الراغبين في الهجرة إلى فرص عمل أفضل، وتأتي أوروبا كوجهة مفضلة بنسبة 58%، تليها أمريكا الشمالية بنسبة 27%.

وتشدد الدراسة على أن الشباب الأكثر تعليماً ووعياً بحقوقهم هم الأكثر رغبة في الرحيل، ما يفسر الهجرة لديهم بأنها ليست مجرد بحث عن العمل، بل “تعبير عن أزمة أفق وضيق فرص المشاركة في التنمية المحلية”.

و أشارت الدراسة إلى أن المغرب، ورغم خطاه المتقدمة في بناء سياسة هجرة متقدمة إقليمياً – خاصة بعد حملات تسوية الأوضاع في 2014 و 2017 – يواجه تحدياً حقيقياً في “تنزيل” هذه السياسات. فما يزال نحو 19 ألف لاجئ وطالب لجوء يستضيفهم المغرب يواجهون صعوبات جمة في الإدماج الاقتصادي والحصول على عمل مستقر.

بالإضافة إلى ذلك، يواجه المغرب ضغوطاً إضافية بسبب الآثار المتزايدة لتغير المناخ، مما ينتج عنه هجرة داخلية متزايدة بسبب الجفاف والفيضانات المتكررة.

ويخلص التقرير إلى أن المشهد الراهن للهجرة يتطلب سياسات مندمجة تُعيد بناء الثقة الاجتماعية والاقتصادية، وتحوّل الهجرة من عامل ضغط إلى رافعة للتنمية المشتركة في المنطقة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى