تقرير :أكثر من نصف المسنين بلا معاش.. والمغرب أمام تحدي العزلة والفقر لكبار السن

كشفت معطيات صادمة قدمها رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (CESE)، عبد القادر اعمارة، عن واقع مؤلم يواجهه الأشخاص المسنون في البلاد، ملوحاً بخطر تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية لهذه الفئة التي يتزايد عددها بشكل مقلق.
أكد اعمارة، في تصريحات مثيرة، أن أكثر من نصف المسنين (54%) لا يتوفرون على أي معاش على الإطلاق، فيما يعيش 49.2% منهم بدخل “محدود وغير قار”، ما يضعهم في حالة من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.
هذه الأرقام تضع ملف الحماية الاجتماعية للمسنين على رأس أولويات الأجندة الوطنية.
لم تتوقف معاناة المسنين عند حدود الدخل، بل تتجاوزها إلى تحديات اجتماعية ونفسية عميقة. وأوضح اعمارة أن هذه الفئة تواجه بحدة “العزلة النفسية والاجتماعية”، والتعرض لـ “العنف”، بالإضافة إلى ضعف الخدمات الصحية الموجهة إليهم، وغياب البنية التحتية الملائمة لاحتياجاتهم.
اللافت للنظر هو التباين الصارخ بين تزايد عدد المسنين ومحدودية المؤسسات الاجتماعية المخصصة لرعايتهم، حيث لا يتجاوز عددها 72 مؤسسة على الصعيد الوطني بأكمله، وهو عدد لا يتناسب إطلاقاً مع حجم الفئة المستهدفة.
سلط رئيس المجلس الضوء على التطور الديموغرافي السريع في تركيبة المجتمع، مشيراً إلى أن نسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فما فوق ارتفعت إلى 13.8% سنة 2024، بعدما كانت 9.4% فقط في عام 2014.
هذا يعني أن البلاد تضم اليوم أكثر من خمسة ملايين مسن، حيث يشكل الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و 69 سنة الأغلبية (58.6%)، بينما يمثل من تجاوزوا السبعين نسبة 41%.
هذه الزيادة تؤكد أن شيخوخة السكان ليست مجرد رقم إحصائي، بل تحدٍ هيكلي يهدد استدامة التنمية إذا لم يتم التعامل معه بجدية.
في ختام مداخلته، شدد اعمارة على أن إدماج المسنين اقتصادياً واجتماعياً لا يجب أن يُنظر إليه كعبء، بل كـ “فرصة استراتيجية لتعزيز التنمية والعدالة الاجتماعية”.
ودعا المجلس إلى اتخاذ إجراءات فورية وجذرية، أبرزها:
- تحسين نظام المعاشات وتوفير تغطية صحية شاملة وملائمة.
- إدماج المسنين في أنشطة مدرة للدخل لتعزيز استقلاليتهم.
- إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية لضمان شموليتها لهذه الفئة.
- وضع إطار قانوني متكامل يضمن حقوق كبار السن ويحميهم من الإهمال والاستغلال.
يبقى التحدي هو مدى سرعة استجابة الحكومة والمؤسسات المعنية لهذه الصرخة، وتحويل هذه المعطيات المقلقة إلى خطط عمل ملموسة تضمن كرامة ورعاية ملايين المواطنين في خريف العمر.