الأسهمالاقتصادية

تغيير القيادة.. هل يعيد للشركة قوة سهمها؟

عندما يطرأ تغيير على قيادة الشركات الكبرى، لا يقتصر تأثيره على التنظيم الداخلي فقط، بل يمتد سريعًا إلى الأسواق المالية، حيث يبدأ المستثمرون بتحليل ما يعنيه هذا التحول بالنسبة لاستراتيجية الشركة ونموها المستقبلي.

لكن تأثير هذا النوع من التغييرات ليس دائمًا إيجابيًا أو سلبيًا، فهو يتوقف على السمعة السابقة للقائد الجديد، الطريقة التي أعلن بها التغيير، والسياق العام الذي يحدث فيه.

في كثير من الحالات، يسارع المستثمرون إلى استقبال القادة الجدد بتفاؤل، خصوصًا إذا كان لهم سجل حافل بالنجاحات. على سبيل المثال، أعلنت شركة إنتل في مارس 2025 عن تعيين “ليب-بو تان” رئيسًا تنفيذيًا خلفًا لـ “بات جيلسنجر”، في وقت تواجه فيه الشركة منافسة شرسة من شركات مثل “إنفيديا” و”إيه إم دي”.

و ارتفع السهم بنسبة 7% فور الإعلان، مدفوعًا بثقة المستثمرين بخبرة “تان”، وقد دفعت هذه الثقة بعض المؤسسات المالية مثل بنك أوف أميركا إلى رفع السعر المستهدف للسهم من 19 إلى 25 دولارًا.

لكن التفاؤل لم يدم طويلًا، إذ انخفض السهم بعد أسبوعين بنسبة 7.5% بسبب المخاوف من تعديل خطة فصل وحدة التصنيع، كما خفضت مؤسسات مالية مثل مورجان ستانلي وباركليز السعر المستهدف للسهم نتيجة عدم وضوح الرؤية الاستراتيجية.

مثال آخر على التغيير وسط تحديات السوق هو نايكي، التي عينت إليوت هيل رئيسًا تنفيذيًا في سبتمبر 2024 خلفًا لـ “جون دوناهو” بعد انتقادات واسعة لأداء الشركة.

و ارتفع سهم الشركة بنسبة 10% فور الإعلان، لاعتقاد المستثمرين بأن هيل قادر على إعادة توجيه الشركة، خصوصًا أنه جاء من داخل المنظمة ويمتلك خبرة في شؤونها.

لكن بعد صدور أول تقرير أرباح تحت قيادته، انخفض السهم بنسبة 6% بسبب تراجع الإيرادات، مما أظهر أن الضغوط الهيكلية يمكن أن تفوق تأثير القيادة الجديدة على المدى القصير.

في أوقات الأزمات، غالبًا ما ينعكس التغيير القيادي على الأسهم بالسلب. فقد انخفض سهم بايوجين بنسبة 15% بعد استقالة رئيسها التنفيذي في 2022، في ظل جدل حول فعالية أحد أدوية ألزهايمر التي تراهن عليها الشركة.

أما بينتريست، فقد شهد سهمها انخفاضًا بنسبة 12% عند مغادرة الرئيس التنفيذي “بن سيلبرمان” في يونيو 2022، على الرغم من تعيين خليفة من جوجل، لأن السوق اعتبر التغيير نتيجة ضعف الأداء وليس خطوة استراتيجية.

وفي قطاع الطيران، انخفض سهم بوينج بنسبة 4% بعد إقالة الرئيس التنفيذي عام 2019 خلال أزمة طائرات 737 ماكس، ما يوضح كيف يمكن للتغيير القيادي أن يعكس عمق الأزمة الداخلية للشركة.

لكن بعض التغييرات القيادية تترك أثرًا إيجابيًا طويل الأمد. على سبيل المثال، ارتفع سهم ستاربكس بنسبة 24.5% عند تعيين “براين نيكول” رئيسًا تنفيذيًا في شتنبر 2024، نظرًا لسجل نجاحاته السابقة في قيادة “شيبوتل”، حيث تضاعفت الإيرادات وارتفع سعر السهم بنسبة 760%.

أما آبل، فقد شهدت أسهمها نموًا هائلًا منذ تولي “تيم كوك” منصب الرئيس التنفيذي عام 2011 وحتى 2025، حيث تحول استثمار بقيمة 1000 دولار إلى أكثر من 16,000 دولار، أي زيادة بنسبة 1600%، وهو ما يعكس تأثير القيادة على التحول الاستراتيجي للشركة.

التغييرات الإدارية في الشركات الكبرى غالبًا ما تولد موجة أولية من التفاؤل في الأسواق، لكن استدامة هذا التأثير تعتمد على وضوح الرؤية الاستراتيجية، إمكانية تنفيذها، وطبيعة التحديات التي تواجه الشركة.

قد يتحول الصعود الأولي إلى تراجع سريع إذا لم تكن الخطط الجديدة قابلة للتطبيق أو ظهرت عقبات هيكلية في السوق.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى