الاقتصادية

تضخم يتجاوز 3% وانهيار تاريخي لليين..إرث “آبينوميكس” يضع البنك المركزي الياباني على المحك

يواجه البنك المركزي الياباني معضلة كبيرة، فبعد سنوات من سياسة التيسير النقدي التي أطلقها رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي بهدف كسر حلقة الانكماش، يجد البنك نفسه اليوم في مفترق طرق.

و مع تضخم يتجاوز 3% وضعف مستمر في الأجور الحقيقية، تتزايد الضغوط على البنك للتخلي عن هذا الإرث ورفع أسعار الفائدة.

في خطوة تاريخية، أنهى بنك اليابان في مارس 2024 سياسته النقدية غير التقليدية، مما منح رئيس الوزراء الحالي فوميو كيشيدا الفرصة للابتعاد عن ثلاثية “آبينوميكس”: التحفيز المالي، والإصلاحات الهيكلية، والتيسير النقدي المفرط.

لكن هذه الخطوة لم تمنع الين الياباني من التراجع بشكل حاد في أغسطس 2024، ليتجاوز مستوى 150 مقابل الدولار الأمريكي، وهو أدنى مستوى له منذ ثلاثة عقود، مما دفع وزارة المالية اليابانية للتدخل في سوق الصرف لأول مرة منذ عام 2022 لوقف هذا الانحدار.

ظل معدل التضخم في اليابان أعلى من 3% للشهر الثامن على التوالي في أغسطس، متجاوزًا هدف البنك المركزي البالغ 2%. كما قفزت أسعار الغذاء بأكثر من 6%.

رغم ذلك، لم يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة منذ يناير، عندما رفعها إلى 0.50% من 0.25%، في أول زيادة منذ يوليو 2024 وأعلى مستوى منذ 17 عامًا.

وعلى الرغم من ضغوط التضخم، يبقى ضعف نمو الأجور أكبر عائق أمام أي تغيير جذري في السياسة النقدية. فقد تراجعت الأجور الحقيقية —بعد تعديلها وفقًا للتضخم— للشهر السادس على التوالي في يونيو، مما يعكس تآكل القوة الشرائية للأسر ويثير المخاوف بشأن تعافي الاستهلاك.

تسببت الفجوة المتسعة بين سياسات بنك اليابان والبنوك المركزية الكبرى الأخرى، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، في إضعاف الين. ورغم أن رفع سعر الفائدة في يناير حسّن أداء الين مؤقتًا، إلا أنه ظل تحت ضغط مستمر.

في يوليو، أبقى بنك اليابان أسعار الفائدة دون تغيير، لكنه رفع توقعاته للتضخم وقدم رؤية أكثر تفاؤلاً بشأن الاقتصاد. عزز هذا الإجراء التكهنات في السوق بأن البنك قد يرفع الفائدة مرة أخرى هذا العام، خاصة بعد تحذيرات بعض صانعي السياسات من الضغوط التضخمية المتزايدة في أسعار الغذاء.

أمام بنك اليابان خيارات محدودة. فإما أن يستمر في سياسة نقدية متشددة رغم تباطؤ النمو، أو أن يعود إلى التيسير لدعم الأسر والشركات مع ما يمثله ذلك من مخاطر على استقرار الين.

و يبقى الخيار الثالث هو الاعتماد على سياسات مالية مكملة مثل دعم الاستثمار والأجور، لكن نجاحه مرهون بالإصلاحات الهيكلية طويلة الأمد.

في سياق متصل، أشار محافظ البنك، كازو أويدا، في ندوة جاكسون هول، إلى تحول هيكلي مهم في الاقتصاد الياباني، حيث بدأت زيادات الأجور تنتشر من الشركات الكبرى إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة، مدفوعة بالضغوط الديموغرافية للحفاظ على العمالة.

مع تبقي ثلاثة اجتماعات للبنك هذا العام، أظهر استطلاع أجرته رويترز في أغسطس أن غالبية الاقتصاديين يتوقعون أن يرفع البنك أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس على الأقل قبل نهاية عام 2025.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى