الاقتصادية

تسلا تطلق أول خدمة أجرة ذاتية القيادة في أوستن وسط جدل سياسي وتحديات تنظيمية

في خطوة تقنية طموحة ومثيرة للجدل، أعلنت شركة تسلا عن بدء تشغيل أول خدمة سيارات أجرة ذاتية القيادة يوم الأحد في مدينة أوستن بولاية تكساس، مستخدمة سيارات من طراز “موديل واي” بدلاً من النموذج المخصص للمشروع “سايبركاب” الذي لم يُجهز بعد للإطلاق.

يأتي هذا الإطلاق في ظل أجواء مشحونة سياسيًا نتيجة انخراط المدير التنفيذي للشركة، إيلون ماسك، في حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رغم الخلافات التي طفت على السطح بين الرجلين مؤخرًا.

ووفقًا للمحلل دان آيفز من شركة “ويدبوش”، فإن العلاقة بين ماسك وترامب تُبقي على تحالفٍ استراتيجي يخدم الطرفين، لاسيما بشأن التشريعات الفدرالية الخاصة بالقيادة الذاتية.

ويؤكد آيفز أن تقنية القيادة الذاتية والذكاء الاصطناعي تمثل مصدر دخل هائل لتسلا، وقد ترفع القيمة السوقية للشركة بأكثر من تريليون دولار في حال نجاح الخدمة الجديدة. ويرى أن نجاح الإطلاق في أوستن سيكون نقطة انطلاق رئيسية نحو هذا الهدف.

الخدمة ستكون متاحة في منطقة محددة من أوستن، بين الساعة السادسة صباحًا ومنتصف الليل، وستُدار عبر تطبيق خاص، وتشمل فقط المدعوين في هذه المرحلة الأولية، دون التوجه إلى المطارات. وتُعرف ولاية تكساس ببيئتها التنظيمية المرنة، ما يجعلها ساحة اختبار مثالية لمثل هذه التقنيات.

وأكدت وزارة النقل في الولاية أن القانون يتيح اختبار وتشغيل المركبات الذاتية القيادة طالما استوفت متطلبات السلامة والتأمين المعتادة.

ومع ذلك، فإن قانونًا جديدًا سيُطبق اعتبارًا من الأول من سبتمبر سيفرض قيودًا جديدة، منها ضرورة الحصول على تصاريح خاصة وخطط للتعامل مع خدمات الطوارئ.

وقد دعا عدد من النواب الديمقراطيين في تكساس شركة تسلا إلى تأجيل إطلاق الخدمة إلى ما بعد دخول القانون الجديد حيز التنفيذ، أو إثبات امتثالها له.

كشف ماسك في تصريحات لقناة “سي إن بي سي” أن الخدمة ستبدأ بعشر سيارات فقط في الأسبوع الأول، على أن يتسارع التوسع لاحقًا ليصل إلى ألف سيارة خلال أشهر قليلة، ثم الانتقال إلى مدن كبرى مثل سان فرانسيسكو ولوس أنجليس وسان أنطونيو، مع طموح بتشغيل مئات الآلاف من المركبات بحلول نهاية 2026.

كما أشار ماسك إلى إمكانية إدراج سيارات “موديل واي” التي يمتلكها الأفراد ضمن الخدمة، شريطة اشتراكهم في خيار “القيادة الذاتية الكاملة” (FSD) الذي يُكلف 99 دولارًا شهريًا بعد دفع 8000 دولار مقدماً.

ويتم تشغيل هذه المركبات دون أي تعديل تقني، وهو ما يعني أن أي سيارة “موديل واي” مزودة بالخيار الكامل يمكن تشغيلها آليًا – بانتظار دخول “سايبركاب” حيز الإنتاج عام 2026، وهي سيارة بدون عجلة قيادة أو دواسات.

رغم الطموحات، تبقى تسلا متأخرة عن منافستها وايمو (التابعة لغوغل)، والتي تقدم خدمات مماثلة في عدد من المدن الأمريكية منذ عام 2021.

وتواجه تسلا أيضًا تدقيقًا تنظيميًا متزايدًا؛ إذ تحقق الإدارة الوطنية للسلامة المرورية على الطرق السريعة (NHTSA) في نظام FSD منذ أكتوبر 2024، بعد سلسلة من الحوادث المميتة. وقد طلبت الهيئة في مايو الماضي معلومات مفصلة من الشركة لفهم آليات عمل التقنية الجديدة.

ورغم ذلك، توضح الإدارة أنها لا تشترط موافقة مسبقة على التقنيات الجديدة، وتضع مسؤولية الالتزام بمعايير السلامة على عاتق الشركات المصنعة.

في المقابل، عبّر المحلل حاييم سيغل من شركة “إيلازار أدفايزرز” عن تشككه في مدى الاستقلال الفعلي للسيارات، مرجحًا أن تكون بعض المركبات في البداية خاضعة للتحكم عن بُعد أكثر من كونها مستقلة بالكامل.

خطوة تسلا في أوستن تمثل لحظة مفصلية في تاريخ النقل الذكي، لكن نجاحها سيعتمد على مدى تجاوب السوق، وقدرة الشركة على تلبية المعايير التنظيمية، فضلاً عن مدى قدرتها على مواكبة المنافسة المتقدمة من شركات مثل وايمو.

وبين الطموح التكنولوجي والجدل السياسي، يبدو أن مستقبل سيارات الأجرة الذاتية لا يزال قيد التجربة والتفاوض.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى