تزايد قياسي في طلبات الجنسية البريطانية من الأميركيين وسط حالة عدم استقرار سياسي وضريبي

مع بدء دونالد ترامب ولايته الرئاسية الثانية، شهدت أوروبا، وبالأخص بريطانيا، إقبالاً غير مسبوق من الأميركيين الراغبين في الحصول على الجنسية البريطانية، في ظل موجة متنامية من القلق السياسي والضريبي داخل الولايات المتحدة.
كشفت وزارة الداخلية البريطانية عن تسجيل 1,931 طلباً للجنسية من الأميركيين خلال الفترة بين يناير ومارس 2025، وهو أعلى رقم منذ بدء التسجيل الرسمي عام 2004، بزيادة بلغت 12% مقارنة بالربع السابق، الذي شهد بدوره ارتفاعاً ملحوظاً بعد إعادة انتخاب ترامب في نوفمبر 2024.
لم يقتصر الأمر على طلبات الجنسية، بل تجاوز إلى ارتفاع عدد الأميركيين الحاصلين على الإقامة الدائمة في بريطانيا، حيث بلغ عددهم أكثر من 5,500 شخص في عام 2024، بزيادة 20% عن عام 2023، ما يؤكد رغبة متزايدة في الاستقرار بعيداً عن الولايات المتحدة.
هذه الظاهرة ليست جديدة، إذ شهدت بريطانيا قفزة مماثلة في طلبات الجنسية والهجرة من الأميركيين خلال 2020، في ظل جائحة كورونا وولاية ترامب الأولى، بينما أظهر مكتب “بامبريدج للمحاسبة” ارتفاعاً حاداً في عدد الأميركيين الذين تخلوا عن جنسيتهم، لأسباب تتجاوز السياسية لتشمل التعقيدات الضريبية التي تواجه المقيمين في الخارج.
رغم هذا التدفق، تتجه الحكومات الأوروبية إلى تشديد شروط الهجرة، حيث أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن رفع متطلبات الحصول على الجنسية، فيما ألغت إيطاليا إمكانية الحصول على الجنسية عبر أصول الأجداد، إلى جانب تشديد قواعد التأشيرات لغير مواطني الاتحاد الأوروبي.
الأرقام تعكس تحوّلاً جذرياً: المواطن الأميركي يبحث اليوم عن الاستقرار والأمان في ظل بيئة سياسية متقلبة ونظام ضريبي معقد، وتُظهر أوروبا كوجهة بديلة جاذبة لنخبة من الأميركيين الباحثين عن فرص وحياة أكثر استقراراً.
ما كان يُنظر إليه في الماضي كأرض الأحلام بات اليوم ملاذاً يلجأ إليه آلاف الأميركيين، حيث باتت الجنسية وثيقة استراتيجية للفرار من واقع سياسي مضطرب، في ظل عاصفة “ترامب الثانية” التي تحاصر الولايات المتحدة.