الاقتصادية

تحولات جذرية في السياسة الخارجية الأمريكية: مستقبل وكالة التنمية الدولية على المحك

مع عودته إلى البيت الأبيض، شرعت إدارة “ترامب” في إعادة تشكيل سياساتها الخارجية، حيث تم تعليق كافة المساعدات الأجنبية التي تقدمها الولايات المتحدة.

وضمن هذه الخطوات يأتي استهداف وكالة التنمية الدولية (USAID) من قبل الرئيس “ترامب” وحليفه البارز “ماسك”، اللذان يسعيان إلى إصلاح الحكومة الفيدرالية وخفض الإنفاق العام.

شهدت الوكالة تغييرات جذرية في أقل من أسبوعين، مما أثار تساؤلات حول دوافع هذا التحول. فقد أنشئت الوكالة عام 1961 على يد “جون كينيدي” لإدارة برامج المساعدات الإنسانية في مختلف أنحاء العالم، ويعمل بها اليوم نحو 10 آلاف موظف بميزانية تبلغ 40 مليار دولار من إجمالي 68 مليار دولار يُنفق على المساعدات الخارجية.

وتقوم الوكالة بتوزيع مساعدات على المنظمات غير الحكومية والمؤسسات غير الهادفة للربح، كما تدعم الدول التي تعاني من المجاعات والكوارث الطبيعية، إلى جانب تمويل برامج الصحة ومكافحة انتشار الفيروسات التي قد تسبب أوبئة عالمية.

من جانبها، حذرت الأستاذة “مريم ديلوفري” من جامعة جورج واشنطن من أن تقليص الإنفاق في الوكالة قد يؤدي إلى تراجع القدرة على توفير اللقاحات والإمدادات الغذائية الضرورية للعديد من الدول، مما يفاقم المخاطر الصحية والغذائية على المستوى العالمي.

وفي خطوة أخرى، تعتزم إدارة “ترامب” دمج وكالة المساعدات الخارجية مع وزارة الخارجية، حيث تم إبلاغ الموظفين بالبقاء بعيدًا عن مقر الوكالة الرئيسي في واشنطن.

وقد وصف المشرعون الديمقراطيون هذه الإجراءات بأنها غير دستورية ومخالفة للقانون، محذرين من أن مثل هذه التحركات قد تؤدي إلى تآكل النفوذ الأمريكي وتضعف القدرة على دعم الفئات المحتاجة في الخارج، إضافة إلى ما قد يمس بالأمن القومي.

8daf0e9e 70a5 445f a7c2 634e826e2682 Detafour

لم يمض وقت طويل على هذا التوجه الذي يأتي في ظل انتقادات متكررة من “ترامب” للإنفاق الخارجي، إذ اعتبر أن الأموال المخصصة للمساعدات لا تحقق قيمة مقابل المال، متهمًا المسؤولين في الوكالة بانحياز يساري وإفراط في الإنفاق دون رقابة كافية.

وقد أضاف حليفه “ماسك” مؤخرًا عبر منصة “إكس” أن الوكالة متورطة في عمليات احتيال وفساد، مما أثار جدلاً واسعًا.

تفاقمت التوترات خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، إذ منع مسؤولون يعملون مع “ماسك” الوصول إلى بيانات مالية حيوية في مقر الوكالة، مما أدى إلى إغلاق الموقع الإلكتروني وفرض حظر على مئات الموظفين عن الوصول إلى بريدهم الإلكتروني، في حين تجمع المتظاهرون أمام المقر الرئيسي احتجاجًا على الإجراءات.

fe3e5d8b d5f7 4b2f 85d0 68ba46ffb9a0 Detafour

وفي الوقت الذي يشدد فيه المشرعون الديمقراطيون على أن هذه التحركات قد تضر بمكانة الولايات المتحدة عالمياً وتفتح المجال أمام منافسين مثل الصين وروسيا، يبقى السؤال قائمًا حول مدى قدرة الإدارة على تنفيذ خططها، إذ أن إغلاق وكالة التنمية الدولية بشكل كامل يتطلب تشريعاً من الكونجرس وليس مجرد أوامر تنفيذية.

ختاماً، رغم أن الإدارة الحالية قد لا تتمكن من إغلاق الوكالة بشكل نهائي، إلا أن توجهها نحو إعادة توجيه الإنفاق الخارجي وفقاً لمنهج “أمريكا أولاً” قد يترك أثراً بالغاً على مستقبل برامج المساعدات الإنسانية، مما يثير تساؤلات حول استمرار الدعم المالي للبلدان النامية في السنوات المقبلة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى