تأثيرات الحرب التجارية على أسعار النفط والاقتصاد العالمي

في الثاني من أبريل، لم تقتصر جهود “دونالد ترامب” على إعادة تشكيل التجارة العالمية عبر فرض الرسوم المتبادلة، بل كان لها تأثيرات عميقة على الاقتصاد العالمي.
أبرز هذه التأثيرات كان تراجع سعر النفط، الذي هبط إلى أدنى مستوياته منذ أربع سنوات، بالتوازي مع زيادة المعروض من النفط من قبل منظمة “أوبك”.
في التاسع من أبريل، علق “ترامب” العديد من الرسوم الجمركية على معظم الدول، ولكن الصراع مع الصين، أكبر مستهلك للنفط في العالم، شهد تصعيدًا.
إذ أن عدم التوصل إلى اتفاق بين البلدين بشأن تخفيض التعريفات الجمركية سيؤدي إلى تراجع كبير في حجم التجارة بينهما، مما يعزز الضغوط السلبية على الاقتصاد الصيني الذي يعاني بالفعل من تحديات اقتصادية.
الحرب التجارية تدفع المحللين لخفض توقعاتهم لأسعار النفط |
|
الجهة |
التوضيح |
باركليز |
خفض البنك توقعاته لسعر خام برنت بمقدار 4 دولارات إلى 70 دولارًا للبرميل هذا العام، وتوقع وصول السعر إلى 62 دولارًا في العام المقبل.
|
جيه بي مورجان |
قلص البنك الأمريكي رؤيته لسعر برنت هذا العام إلى 66 دولارًا من 73 دولارًا للبرميل، وعدل مستهدفه للعام المقبل إلى 58 دولارًا.
|
جولدمان ساكس |
توقع البنك في “سيناريو متطرف” – يشهد اشتعال الحرب التجارية وزيادة الإمدادات – تراجع سعر خام برنت إلى ما دون 40 دولارًا للبرميل بحلول أواخر 2026. |
وفي الوقت نفسه، اتفقت ثماني دول في مجموعة “أوبك+” على زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا في مايو، وهو ما يزيد عن ثلاثة أضعاف الكمية التي كانت مخططة في البداية، مما أضاف المزيد من الضغوط على أسعار النفط.
شهد سعر خام برنت تراجعًا حادًا هذا الشهر ليصل إلى أقل من 63 دولارًا للبرميل بعد أن كان قد بلغ 80.2 دولار في 20 يناير، أي في يوم تنصيب “ترامب”.
و يعود هذا التراجع إلى المخاوف من حدوث ركود اقتصادي عالمي بسبب الحرب التجارية، وهو ما دفع المحللين إلى تقليص توقعاتهم للطلب على النفط والأسعار.
كما أدى هذا التراجع إلى خفض توقعات “أوبك” ووكالة الطاقة الدولية للطلب على النفط في عام 2024، حيث يُعد النمو الاقتصادي العامل الرئيس في تعزيز الطلب على النفط.
أصبح الاقتصاد الأمريكي اليوم مُصدرًا صافيًا للنفط، مما يعني أن تراجع الأسعار يؤثر سلبًا على التجارة الأمريكية ويهدد بحدوث مشاكل اقتصادية داخلية.
و رغم ذلك، رحب “ترامب” بتراجع الأسعار، مشيرًا إلى أن انخفاض سعر النفط إلى 50 دولارًا للبرميل سيساعد في كبح التضخم، وهو تصريح أثار قلق شركات النفط الصخري التي تستعد لمواجهة تحديات صعبة في ظل تراجع الأسعار.
تراجع أسعار النفط ليس في صالح أمريكا نفسها |
||
الجهة |
|
التوضيح |
“ريد أولمستيد” المسؤول لدى “ستاندرد أند بورز جلوبال كوموديتيز إنسايتس” |
|
ذكر أن وصول سعر النفط إلى 50 دولارًا ليس جيدًا لأي من الاقتصادات المحلية، وسيكون له بالتأكيد آثار متلاحقة. |
“ماثيو بيرنشتاين” مدير حلول النفط الصخري لدى “ريستاد إنرجي” |
|
يرى أن سياسة الرسوم الجمركية واحدة من أكبر التحديات التي واجهت القطاع منذ فترة طويلة. موضحًا أنه حال استمرار هذه السياسات وحدوث ركود، فمن المحتمل ألا يشهد إنتاج النفط الأمريكي أي نمو هذا العام. |
تريسي دوليزال” مفوضة مقاطعة دان إحدى أكبر المناطق المنتجة للنفط في حوض باكن بولاية داكوتا الشمالية |
|
أوضحت أن الأمر مخيف، لأن المقاطعة جمعت ضرائب تقارب 40 مليون دولار من النفط والغاز في العام الماضي، أي ما يمثل أكثر من نصف إجمالي الإيرادات. وأنه مع تراجع الأسعار ستكون هناك بعض الخسائر في الوظائف وبالطبع ستتأثر الشركات. وأشارت في حديث لـ “فاينانشال تايمز” إلى أن المقاطعة التي صوتت بأغلبية ساحقة لصالح “ترامب” في الانتخابات الثلاثة الماضية، قد تضطر لتقليص تحديثات البنية التحتية حال تراجع الأسعار أكثر. |
“دانيال ستينبرغ” مسؤول التنمية الاقتصادية بمقاطعة ماكنزي إحدى أكثر المقاطعات إنتاجًا بمنطقة باكن |
|
رغم تصويت 85% من سكان المقاطعة لصالح “ترامب” إلا أن “ستينبرغ” يرى أنه إذا تراجع الإنتاج وانخفض السعر فسيزداد الوضع صعوبة. |
هذا التراجع يؤثر بشكل مباشر على أرباح هذه الشركات ويقوض الثقة الاستثمارية، ما يؤدي إلى تقليص الإنتاج الجديد. على الرغم من أن “ترامب” قد ركز في حملته الانتخابية على زيادة الإنتاج المحلي، فإن انخفاض الأسعار يتسبب في تداعيات اقتصادية كبيرة تؤثر على جميع القطاعات.
إذا استمرت الحرب التجارية أو تصاعدت، فإن هناك احتمالًا متزايدًا لحدوث ركود اقتصادي عالمي. هذا قد يؤدي إلى مزيد من التراجع في أسعار النفط، مما يجعل من الصعب على “ترامب” تحقيق أهدافه في زيادة الإنتاج المحلي من النفط والغاز لمستويات قياسية.