بين تراجع أوروبا وصعود الصين.. المغرب يبرز كقوة صناعية جديدة في عالم السيارات

في وقت تشهد فيه صناعة السيارات العالمية اضطرابات واسعة، يبرز المغرب كلاعب صاعد قادر على المنافسة بقوة، وسط هيمنة متصاعدة للصين في الإنتاج العالمي. هذا التغير يعكس تحولًا ملموسًا في موازين القوى الصناعية على مستوى العالم.
أوضحت صحيفة “Hispanidad” الإسبانية أن حصة الصين من إنتاج السيارات العالمية ارتفعت من 3.5% عام 2000 إلى 33.8% عام 2024، محققة أرقامًا قياسية في التصدير رغم العقوبات والرسوم الجمركية الأمريكية والأوروبية.
بالمقابل، يسجل المغرب نمواً لافتاً، مع توقع وصول إنتاجه إلى مليون مركبة هذا العام، ما يعكس تطورًا سريعًا في بنيته الصناعية وقدرته على جذب الاستثمارات الكبرى.
بينما تبني الصين قوتها على السيطرة على صناعة البطاريات والمعادن الحيوية للمركبات الكهربائية، يعتمد المغرب على موقعه الجغرافي المتميز قرب أوروبا، وبنية تحتية متطورة، وتكلفة إنتاج منخفضة، إلى جانب قدرة عالية على استقطاب كبريات الشركات العالمية للسيارات.
شهد النصف الأول من العام الجاري زيادة في إنتاج المغرب بنسبة 36% ليصل إلى 350 ألف مركبة، مع توقع بلوغ مليون وحدة بنهاية 2025.
ويعود هذا النجاح إلى تصاعد إنتاج مجموعتين أوروبيتين في المغرب أكثر مما تنتجان في بعض دول الاتحاد الأوروبي.
فشركة “رينو” تنتج اليوم 20% من إنتاجها العالمي في المغرب، متفوقة على إسبانيا التي تنتج 15% فقط، فيما تخطط “ستيلانتس” لنقل تصنيع طراز “سيتروين C4” من مدريد إلى القنيطرة اعتبارًا من 2029، ما يعكس تنافسية المغرب المتزايدة مقارنة بالأسواق الأوروبية التقليدية.
بات المغرب اليوم واحدًا من أهم مراكز الإنتاج للسيارات الموجهة للتصدير، خاصة للأسواق الأوروبية، التي بدأت تعتمد على المركبات “مصنوعة في المغرب” لتعويض النقص في قدرتها الإنتاجية المحلية.
في المقابل، تواجه ألمانيا وإسبانيا تحديات كبيرة. فإسبانيا، التي كانت من أكبر المنتجين الأوروبيين، ستنتج نحو 2.3 مليون مركبة هذا العام بانخفاض 5.4% خلال الأشهر العشرة الأولى، نتيجة ضعف الطلب وارتفاع كلفة التحول نحو السيارات الكهربائية.
أما ألمانيا، فقد فقدت 50 ألف وظيفة في قطاع السيارات، مع توقعات بفقدان 300 ألف وظيفة بحلول 2030 بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والإنتاج والمنافسة العالمية.
في هذا السياق، يظهر المغرب كنموذج نادر للاستفادة من الاضطرابات العالمية، متربعًا إلى جانب الصين كقوة صناعية صاعدة، بينما تواجه ألمانيا وإسبانيا ضغوطًا متزايدة قد تهدد مكانتهما التقليدية في سوق السيارات العالمي.




