بعد فشل استيراد المواشي.. هل يحقق دعم الأغنام عدالة في التوزيع؟

أعلنت الحكومة عن إطلاق برنامج استثماري ضخم بقيمة 6.2 مليار درهم، يهدف إلى إعادة بناء القطيع الوطني وتعزيز قطاع تربية الأغنام الذي يعاني من أزمات متراكمة، في خطوة تُعد من أبرز الأولويات الاقتصادية والاجتماعية.
لكن هذا الإعلان لم يخلُ من تحفّظات وانتقادات برلمانية، حيث عبر نواب عن خشيتهم من أن تكرر تجربة دعم استيراد المواشي واللحوم، التي شهدت توزيعاً غير متكافئ للفوائد، ما أفضى إلى استفادة مجموعات محدودة مرتبطة بأحزاب سياسية دون الوصول إلى تحسينات ملموسة لدى المنتجين الفعليين في الميدان.
وفي هذا الإطار، حذّر فريق حزب التقدم والاشتراكية من خطر عدم شمول الدعم للكسابة الصغار، لا سيما أولئك الذين يواجهون ديوناً متراكمة ليست فقط تجاه الأبناك والمؤسسات المالية، بل وأيضاً تجاه تجار الأعلاف وأشخاص ذوي نفوذ في المناطق القروية.
وقد وجه النائب رشيد حموني، من حزب التقدم والاشتراكية، رسالة رسمية إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، طالب فيها بتوضيح تفاصيل البرنامج وآليات ضمان استفادة الفئات الأكثر هشاشة من الكسابة، مشدداً على أن هؤلاء الكسابة يشكلون العمود الفقري للقطاع لكنهم غالباً ما لا يستطيعون الوصول إلى الدعم بسبب اعتمادهم على ديون شخصية وغير رسمية.
يأتي هذا البرنامج الحكومي، الذي تنفذه الوزارة استجابة لتوجيهات ملكية، ليشمل دعماً متنوعاً، مثل دعم الأعلاف، ومساعدة مالية بقيمة 400 درهم لكل رأس أنثى، وحملات وقائية طبية، وتأطيراً تقنياً، بالإضافة إلى إمكانية جدولة أو إلغاء بعض الديون حسب قيمتها.
غير أن حموني نبه إلى أن النظام الحالي للدعم يتجاهل الواقع الميداني للكسابة الذين يعتمدون على استدانة غير رسمية من تجار الأعلاف، وهو ما يعرضهم للإقصاء من برنامج جدولة الديون.
وأكد البرلماني أن هذا التجاهل قد يقود إلى استبعاد شريحة واسعة من الكسابة من الدعم، مما يهدد بتحويل البرنامج الطموح إلى مبادرة محدودة الأثر. ودعا إلى ضرورة اعتماد آليات أكثر مرونة وميدانية تراعي طبيعة المديونية غير الرسمية، مع إشراك السلطات المحلية واللجان المكلفة بإدارة الدعم لضمان شفافية وعدالة التوزيع.
وفي خضم هذه النقاشات، يعول مربو الماشية والمهنيون على تدخل وزارة الفلاحة لتوسيع قاعدة المستفيدين، لتشمل ديون الأشخاص الذاتيين، خصوصاً في المناطق القروية التي تفتقر إلى الوساطة البنكية، حيث تظل علاقات الثقة والالتزام الشخصي أساساً في التعامل المالي.