بعثة تجارية أمريكية تزور المغرب لتعزيز الشراكة الزراعية واستكشاف أسواق إفريقيا الغربية

في ظل المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة، تستعد بعثة تجارية أمريكية لزيارة المغرب خلال شهر ماي المقبل، في خطوة تعكس الدينامية المتنامية للعلاقات بين الرباط وواشنطن، خاصة في مجالي التجارة والاستثمار الفلاحي.
تهدف هذه الزيارة إلى دعم حضور المنتجات الزراعية والغذائية الأمريكية داخل السوق المغربي، وتوسيع نطاق الصادرات المغربية نحو الولايات المتحدة، مع استكشاف فرص مشتركة للتصدير نحو غرب إفريقيا، مستفيدين من الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة ودورها المتصاعد كمركز إقليمي في القارة.
البعثة، التي تُنظم بتنسيق مع وكالات فدرالية أمريكية، تضم ممثلين عن 15 ولاية أمريكية، من بينهم مستثمرون كبار وفاعلون في مجالات الفلاحة والصناعات الغذائية.
ومن المقرر أن يجتمع الوفد مع مسؤولين حكوميين مغاربة لمناقشة فرص تطوير المبادلات التجارية وتعزيز الاستثمارات، خصوصًا في قطاع الأغذية الزراعية الذي يشهد طلبًا متزايدًا في الأسواق الإفريقية.
وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه المبادلات الثنائية انتعاشًا ملحوظًا، حيث بلغت قيمة الصادرات الزراعية الأمريكية نحو المغرب منذ بداية عام 2025 حوالي 134 مليون دولار، أي بزيادة 67% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. هذا النمو يسلط الضوء على حيوية التبادل، لكنه يعيد كذلك الجدل بشأن توازن اتفاق التبادل الحر القائم بين البلدين.
في هذا السياق، يواصل المغرب مساعيه لإعادة التفاوض بشأن اتفاقية التبادل الحر التي أُبرمت سنة 2004 ودخلت حيز التنفيذ في 2006، بهدف تقليص العجز التجاري وتحقيق استفادة أكبر من الاتفاق، خصوصًا مع تطلعه للتحول إلى منصة إنتاج وتصدير نحو إفريقيا جنوب الصحراء.
الزيارة تأتي أيضًا في سياق توتر طفيف بعد قرار الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على بعض الواردات المغربية، وهو ما أثار تساؤلات حول اتساق هذه الإجراءات مع روح الاتفاق القائم. ومع ذلك، يبقى المغرب في موقع تفاوضي مريح باعتباره الدولة الإفريقية الوحيدة التي تحظى باتفاق تبادل حر شامل مع الولايات المتحدة، ما يمنحه أفضلية مقارنة بدول الجوار.
من منظور استراتيجي، تعكس هذه الزيارة رغبة مشتركة في تعميق الشراكة متعددة الأبعاد بين البلدين، سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني أو الدبلوماسي، كما تعزز موقع المغرب كحليف موثوق به وشريك اقتصادي فاعل في القارة الإفريقية.
نجاح هذه المبادرة قد يمثل نقطة تحول إضافية في مسار العلاقات المغربية الأمريكية، ويعزز الطموح المغربي للتحول إلى قطب إقليمي قادر على جذب الاستثمارات الكبرى وترسيخ حضوره على الساحة الاقتصادية الدولية.