البنية التحتية للسكك الحديدية تعزز دور المغرب الاقتصادي والإقليمي
يتبع المغرب استراتيجية مبتكرة تركز على تطوير بنيته التحتية، خاصة في قطاع السكك الحديدية، التي أصبحت أداة محورية لزيادة جذب الاستثمارات العالمية وتعزيز الاندماج الإقليمي.
وقد تجسد هذا التوجه بشكل واضح في التقرير السنوي لشركة Vossloh الألمانية، التي تعد من أبرز الشركات في مجال حلول السكك الحديدية. التقرير كشف عن أداء مالي استثنائي للشركة، حيث كان للمغرب دور كبير في تحفيز هذا النجاح من خلال الطلبيات الكبيرة التي تلقتها الشركة.
ووفقًا لما أوردته جريدة “العمق”، بلغ إجمالي الطلبيات الجديدة لدى Vossloh نحو 1.36 مليار يورو في عام 2024، مع التوقعات بأن تتجاوز إيراداتها 1.5 مليار يورو في 2025، بفضل الصفقات الاستراتيجية مع المغرب، بالإضافة إلى الجزائر ومنطقة الشرق الأوسط.
ومع ذلك، لا تقتصر هذه الأرقام على كونها مؤشرًا على نجاح اقتصادي فحسب، بل تعكس أيضًا رؤية استراتيجية أوسع للمغرب. البلاد تسعى للاستفادة من مشاريع السكك الحديدية كأداة جذب للاستثمار الدولي ومحرك لنفوذها داخل القارة الأفريقية.
فالسكك الحديدية المغربية لم تعد مجرد مشروع محلي، بل أداة رئيسية للاندماج الإقليمي، خاصة في ظل المخططات الرامية إلى ربط المملكة بعدد من العواصم الأفريقية في إطار تعاون جنوب-جنوب.
ويوضح التقرير أن المغرب أصبح يعد من الأسواق “الاستراتيجية” لشركة Vossloh، ليس فقط بحجم الطلبيات، بل لأن هذه الصفقات تمثل أيضًا استثمارًا في النقل المستدام وتعزيز ربط المدن الكبرى، ما يعزز استعداد المملكة للاستحقاقات الدولية الكبرى المقبلة، وعلى رأسها كأس العالم 2030.
من جانبه، وصف أوليفر شوستر، الرئيس التنفيذي لشركة Vossloh، الطلب المغربي بأنه “قوي ومستقر”، مشيرًا إلى الثقة المتزايدة التي توليها المملكة في الشراكة مع الشركات الأوروبية المتخصصة. وأضاف شوستر أن هذا الاتجاه يفتح المجال أمام المغرب ليصبح مركزًا إقليميًا لتنسيق مشاريع السكك الحديدية في المنطقة.
ويُعزى النمو الملحوظ في أرباح Vossloh، التي حققت لأول مرة منذ عشر سنوات هامش ربح تشغيلي (EBIT) يتجاوز 100 مليون يورو، إلى التغيرات التي يشهدها السوق الأفريقي.
حيث لم يعد المغرب مجرد مستهلك لهذه المنتجات، بل أصبح محركًا رئيسيًا للطلب الإقليمي في هذا القطاع.
في الختام، يبدو أن المغرب يسير في طريقٍ ثابت نحو تعزيز رصيده من الثقة الدولية عبر استثمارات استراتيجية في البنية التحتية. إن مشاريع السكك الحديدية التي يُنظر إليها على أنها مجرد وسائل نقل، تُعد الآن أدوات للقوة الناعمة، تُسهم في إعادة تشكيل خرائط النفوذ في شمال أفريقيا وعلى امتداد القارة.
