المغرب يتصدر أسواق التوت الأزرق العالمية رغم تحديات ندرة المياه

يواصل قطاع التوت الأزرق في المغرب تسجيل نمو مذهل، ليصبح خلال عشر سنوات فقط من أبرز اللاعبين في السوق العالمية للفواكه الحمراء، متحدياً التحديات المناخية والضغوط البيئية.
وأظهرت بيانات الفيدرالية البيمهنية المغربية للفواكه (FIFEL) أن صادرات المغرب من التوت الأزرق بلغت نحو 74 ألف طن خلال موسم 2024، بزيادة قدرها 15% مقارنة بعام 2023، محققة عائدات تجاوزت 500 مليون دولار.
ويعود هذا النمو إلى الطلب الأوروبي المتزايد على المنتجات الصحية والمستدامة بيئياً.
بدأت تجربة زراعة التوت الأزرق في المغرب مطلع الألفية الجديدة في منطقتي العرائش واللوكوس، قبل أن تتطور لتصبح صناعة مزدهرة تغطي اليوم أكثر من 7,500 هكتار، مع هدف الوصول إلى 10,000 هكتار قبل نهاية العقد الحالي.
ويُصدر المغرب سنوياً أكثر من 95 ألف طن من الفواكه الطازجة، ما جعله الدولة الإفريقية الرائدة في تصدير التوت الأزرق وأحد أهم الموردين للأسواق الأوروبية.
ويشكل الموقع الجغرافي للمغرب عاملاً حاسماً في تعزيز تنافسيته، إذ تسمح المسافة القصيرة إلى أوروبا بتوصيل الفاكهة الطازجة إلى المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإسبانيا خلال ساعات قليلة، وبكلفة أقل مقارنة بمنافسين من أمريكا اللاتينية مثل بيرو والمكسيك وتشيلي.
كما عززت الشراكات مع شركات دولية كـDriscoll’s وBerryWorld وSanLucar من تطوير سلاسل الإنتاج المغربية، عبر إدخال تقنيات الري الذكي وإدارة ما بعد الحصاد، ما رفع المردودية إلى أكثر من 12 طناً للهكتار الواحد.
غير أن هذا النجاح يقابله تحدٍ بيئي كبير، يتمثل في ندرة المياه وتراجع التساقطات المطرية في مناطق الإنتاج. ويُعد المغرب من بين الدول المتوسطية الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، ما دفع الحكومة لإطلاق برامج لتحديث أنظمة الري ضمن استراتيجية “الجيل الأخضر 2020–2030”.
ويعتمد المنتجون على أساليب حديثة مثل الري بالتنقيط، والمراقبة بالأقمار الصناعية، وإعادة استخدام المياه المعالجة، لضمان استدامة النمو الزراعي دون الإضرار بالموارد الطبيعية.
ورغم أن أوروبا تبقى السوق الرئيسة، إلا أن تنافسية الأسعار وارتفاع تكاليف النقل وتشديد المعايير الصحية تدفع المصدرين إلى التوجه نحو أسواق جديدة في الشرق الأوسط وآسيا، مثل الإمارات والصين.
وتتوقع وزارة الفلاحة المغربية أن تتجاوز المساحات المزروعة بالتوت الأزرق 9,000 هكتار بحلول عام 2030، مع وصول الصادرات إلى نحو 120 ألف طن سنوياً. ويعول المغرب على بنياته اللوجستية في ميناء طنجة المتوسط واتفاقياته التجارية مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لتعزيز موقعه كمركز إقليمي لتصدير المنتجات الفلاحية عالية القيمة.
ويبقى التحدي الأبرز تحقيق التوازن بين التوسع التجاري والحفاظ على الموارد المائية، لضمان استمرار نجاح المغرب كنموذج للزراعة الموجهة للتصدير والمسؤولة بيئياً.




