المغرب أمام تحدّي ضريبة الكربون الأوروبية التي تهدد غالبية صادراته

من المرتقب أن تبدأ آلية تعديل الكربون الحدودية الأوروبية (CBAM) – والمعروفة بـ “ضريبة الكربون” – العمل بها في ينايرالمقبل، في خطوة يُخشى أن تترك آثاراً سلبية عميقة على الصادرات المغربية المتجهة نحو دول الاتحاد الأوروبي، الذي يستحوذ على أكثر من 60% من التجارة الخارجية للمملكة.
وتُعد هذه الآلية أداة محورية ضمن “الاتفاقية الخضراء الأوروبية”، هدفها الأساسي هو فرض رسوم على سلع مستوردة، مثل الصلب والأسمنت، يتسبب إنتاجها في انبعاثات عالية من ثاني أكسيد الكربون.
وبموجب هذا الإجراء، ستتحمّل الصادرات الموجهة للسوق الأوروبية كلفة هذه الانبعاثات الملوثة، بهدف تشجيع التصنيع الأكثر ملاءمة للبيئة ودعم الأهداف المناخية للاتحاد، والحيلولة دون حرمان الشركات الأوروبية من المنافسة.
وفي ظل القلق المتصاعد، كان رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي، عبد القادر اعمارة، قد دعا حكومة بلاده في سبتمبر إلى “التعجيل بمباشرة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي” بشأن اعتماد نظام وطني للتحقق من انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالآلية.
وحذّر اعمارة من أن تفعيل الآلية مطلع عام 2026 قد “يترتب عليه تداعيات مباشرة على تنافسية الصادرات”، مشيراً إلى أن “كلفة تحديث أدوات الإنتاج لدمج حلول منخفضة الكربون ما تزال مرتفعة حسب الصناعيين الوطنيين، وخاصة بالنسبة إلى المقاولات الصغيرة والمتوسطة”. وأوصى بـ “اعتماد مقاربة مندمجة ومنسقة” لتعزيز جاهزية المصدرين الوطنيين.
من جانبه، اعتبر الاقتصادي المغربي عمر الكتاني هذه الخطوة الأوروبية “محاولة للضغط على صادرات المملكة”، مشدداً في حديث خاص على ضرورة “البحث عن أوراق أخرى للتفاوض مع أوروبا”.
وانتقد الكتاني محاولة الاتحاد الأوروبي فرض هذه الرسوم في الوقت الذي يعاني فيه المغرب عجزاً في الميزان التجاري مع دول الاتحاد، والذي بلغ 500 مليون يورو في النصف الأول من عام 2025، وفقاً لإحصاءات “يوروستات” الأوروبية.
ودعا الكتاني الرباط إلى عدم “الخضوع لما سماه ابتزازاً”، ومطالباً بـ “زيادة الرسوم الجمركية على البضائع القادمة من الاتحاد الأوروبي” لتحقيق توازن تجاري، والاستفادة من ملفات أخرى مثل الصيد في المياه المغربية وامتيازات الاستثمارات الأجنبية كـ “أوراق ضغط”.
وختم الكتاني بالتأكيد على أن هذا التحدي “يُبيّن أن مستقبل العلاقات الاقتصادية للبلاد قد يكون مع دول الجنوب، وليس مع دول الشمال”، داعياً المملكة إلى تنويع شركائها التجاريين والتهيؤ تدريجياً لاستراتيجية اقتصادية خارج السوق الأوروبية.




