اقتصاد المغرب

المغرب أمام تحدي دمج 2.03 مليون وحدة إنتاجية غير مهيكلة في الاقتصاد الرسمي

يمثل القطاع غير المهيكل في المغرب ظاهرة اقتصادية واجتماعية معقدة، إذ يضم ملايين العمال ويشكل جزءًا كبيرًا من النشاط الاقتصادي، لكنه يبقى بعيدًا عن الأنظمة الرسمية والتسجيل الضريبي.

ففي عام 2023، أظهرت بيانات المندوبية السامية للتخطيط وجود ما يقرب من 2.03 مليون وحدة إنتاجية غير مهيكلة، معظمها يعمل دون بلوغ الحد القانوني للخضوع للضريبة، ما يعكس حالة من التناقض في المشهد الاقتصادي الوطني.

تكمن المفارقة في أن هذا القطاع، رغم كبر حجمه، لا يشكل عبئًا ضريبيًا كبيرًا كما يتوقع البعض. يوضح المدير العام للضرائب، يونس إدريسي قيطوني، أن معظم هذه الوحدات تحقق أرباحًا أقل من الحد الأدنى المحدد للضريبة والبالغ 40 ألف درهم سنويًا.

فمثلاً، تاجر في مجال المواد الغذائية يحقق رقم معاملات يقارب 300 ألف درهم سنويًا قد يدفع ضريبة دخل لا تتجاوز 1800 درهم فقط، وهو مبلغ بسيط مقارنة بحجم النشاط.

لذلك، التحدي الحقيقي لا يكمن في التهرب الضريبي، بل في هشاشة الوضع الاجتماعي والاقتصادي لهذا القطاع.

من الناحية القطاعية، تسيطر التجارة على نحو 47% من نشاط القطاع غير المهيكل، تليها الخدمات بنسبة 28.3%، ثم قطاع البناء والأشغال العمومية بنسبة 11.6%.

وتكشف الإحصائيات أن 85.5% من هذه الوحدات تتألف من شخص واحد، وهو غالبًا صاحب العمل نفسه. ويشغل هذا القطاع حوالي 2.53 مليون عامل، أي ما يعادل ثلث القوى العاملة غير الزراعية في المغرب، لكن 60% منهم يعملون بدون عقود رسمية ويعتمدون غالبًا على علاقات عائلية أو شخصية في التوظيف.

ومن الظواهر اللافتة تزايد الترابط بين القطاع غير المهيكل والقطاع المهيكل، حيث ارتفعت نسبة تموين القطاع غير المهيكل من القطاع المهيكل من 18.2% إلى 33.7%.

كما تضاعفت مبيعات القطاع غير المهيكل إلى القطاع المهيكل بحوالي خمسة أضعاف. هذه التفاعلات المتنامية تفتح آفاقًا جديدة أمام وضع سياسات متجددة تهدف إلى دمج الاقتصاد غير المهيكل تدريجيًا عبر تبسيط الإجراءات الإدارية، تسهيل التمويل، وتوفير التغطية الاجتماعية، بدلًا من التعامل معه كقطاع يجب مواجهته أو قمعه.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى