المديرية العامة للضرائب تُشدد الخناق على التهرب الضريبي عبر فواتير الصيانة الوهمية

في تحرك واسع النطاق، كثفت المديرية العامة للضرائب حملة افتحاص دقيقة تستهدف شركات يشتبه في تلاعبها بالنفقات المعلنة بغرض التهرب الضريبي.
وتأتي هذه الخطوة استنادًا إلى توجيهات مركزية، مع التركيز على الكشف عن فواتير وهمية لأعمال تهيئة وصيانة، والتي وصفتها المصالح الضريبية بـ “عمليات تجميل” سنوية تهدف إلى تضخيم التكاليف المعلنة وخفض الأرباح الخاضعة للضريبة.
وفق جريدة هسبريس , كشفت عمليات التدقيق الأولية أن الشركات المعنية استعانت بمقاولات صغرى، غالبًا ما تكون مرتبطة بأصحاب الشركات الكبرى عن طريق صلة قرابة أو شراكة، لإصدار فواتير مبالغ فيها لأعمال غير حقيقية.
هذه المعلومات الدقيقة، الواردة من مصلحة تحليل المخاطر والبرمجة التابعة للمديرية، وجهت مهام الافتحاص نحو التثبت من صحة هذه الفواتير.
وقد رصد النظام المعلوماتي للإدارة الضريبية مؤشرات قوية على التملص والتهرب الضريبي من خلال تحليل البيانات والتقاطعات المشبوهة، ما دفع إلى توسيع دائرة التدقيق الميداني لتشمل عشرات الشركات. يهدف هذا التوسع إلى توثيق الخصومات الضريبية الكبيرة التي تم احتسابها بناءً على نفقات مزيفة.
تزايدت شكوك مراقبي الضرائب حول استغلال الشركات لأعمال تهيئة متكررة بهدف تضخيم النفقات والتملص من المستحقات الجبائية.
فالعديد من هذه الشركات تعتمد بشكل متواتر على مقاولات بعينها لتنفيذ هذه الأشغال، أو تلجأ خلال فترات معينة من السنة للتعاقد مع وحدات صغرى أو متوسطة لإنجاز أعمال صيانة وهمية.
الهدف من هذه الممارسات هو الحصول على فواتير مبالغ فيها مسبقًا لإرفاقها بالتصريحات الجبائية، مما يقلص الأرباح المعلن عنها وبالتالي يخفض الضريبة المستحقة.
وتركز التحريات الجارية حاليًا على الروابط بين الشركات الخاضعة للتدقيق والوحدات الصغرى التي يبدو أنها أُنشئت خصيصًا لتبرير وفوترة خدمات صورية تحت الطلب، وذلك باستخدام رقم تعريفها الضريبي الموحد (ICE) الذي يسمح بإصدار فواتير مقبولة لدى إدارة الضرائب، مع الحفاظ على وضع جبائي سليم لهذه الوحدات لجعل فواتيرها قابلة للخصم قبل إخضاع النتيجة الصافية للضريبة.
وفقًا للمدونة العامة للضرائب، تُسجَّل تكاليف أعمال التهيئة الكبرى كنفقات استثمارية (أصول ثابتة) إذا كانت تزيد من قيمة الأصل أو تطيل عمره الإنتاجي، وذلك استنادًا إلى المادتين 10 و11 اللتين تحددان شروط خصم التكاليف وتلزمان باعتماد نظام الإهلاك.
أما أعمال الصيانة الدورية أو البسيطة، فيمكن تسجيلها كتكاليف تشغيلية قابلة للخصم إذا لم تحدث تغييرًا جوهريًا في الأصل.
كما تلزم المادة 145 من المدونة الشركات بالاحتفاظ بجميع الوثائق التبريرية (كالفواتير والعقود والتقارير الفنية) لإثبات مشروعية الخصم. وتحتفظ مديرية الضرائب بحق إعادة تصنيف بعض التكاليف كاستثمارات إذا لم تكن مبررة بشكل كافٍ.
وفي سياق تعزيز الشفافية والتحقق، تعتزم فرق المراقبة الضريبية الانتقال من المراقبة على الوثائق إلى المراقبة الميدانية (Contrôle sur place). سيسمح هذا الإجراء بالتحقق من واقعية أعمال التهيئة والصيانة، لا سيما بعد ورود معلومات حول الوضع الجبائي والمحاسبي للوحدات الصغرى التي تتعامل حصرًا مع الشركات الكبرى، مما يعزز الشكوك حول الغرض من إنشائها.
من المتوقع أن تسفر عمليات الافتحاص الجارية عن إحالة ملفات الشركات المتورطة في إصدار فواتير مزورة إلى النيابة العامة المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في مثل هذه الحالات، في رسالة واضحة من إدارة الضرائب بأن زمن التلاعب قد ولى.