المجلس الاقتصادي يُحذر من فوضى المضاربة في أسواق الفلاحة العائلية

في تقرير حديث له، سلط المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الضوء على حالة من “السيبة” وغياب المراقبة التي تهيمن على قنوات توزيع منتجات الفاعلين في قطاع الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة بالمغرب.
وكشف المجلس عن كثرة الوسطاء وتفاقم حدة المضاربات، مؤكدًا أن النقص الحاد في رقمنة عملية تسويق وتثمين المنتجات الفلاحية يحول دون وصول الفلاحين الصغار والمتوسطين بشكل مباشر وسلس إلى مختلف الأسواق ووجهات التسويق.
انتقد تقرير “مجلس أعمارة” بشدة “الحجم المفرط” للوسطاء العاملين في القطاع وعدم خضوعهم لمستوى كاف من المراقبة.
وأشار التقرير، الذي حمل عنوان “الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة من أجل مقاربة أكثر ملاءمة، مبتكرة ودامجة مستدامة، وذات بعد ترابي”، إلى أن هذا الوضع يشجع المضاربة ويؤدي إلى تعدد المتدخلين، مما يضر بشكل كبير بمصالح الاستغلاليات العائلية الصغيرة والمتوسطة.
أوضح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن كثرة الوسطاء وتمدد سلسلة التوزيع يؤثر سلبًا على جودة المنتجات الفلاحية، وذلك بسبب إطالة مسار قنوات التسويق. ويؤدي هذا الوضع في نهاية المطاف إلى ارتفاع ملحوظ في سعر البيع للمستهلك النهائي.
انتقد التقرير أيضًا ضعف الثقافة التعاونية بين الفلاحين الصغار والمتوسطين، مشيرًا إلى أن هذا الواقع يعيق انخراط الفلاحين في هيئات مثل المجموعات ذات النفع الاقتصادي والجمعيات والتعاونيات.
وشدد المجلس على أن هشاشة تنظيم الفلاحين العائليين الصغار والمتوسطين في إطار تعاونيات يعزى جزئيًا إلى محدودية تمثيلية الفلاحين، وهو ما يهدد قدرتهم على الاستمرار على المدى الطويل.
في تحليله لواقع انخراط الفلاحين في تمثيليات تدافع عن حقوقهم، أشار المجلس إلى نقص كبير في تأطير ومواكبة الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة لتشجيعهم على الانتظام في تعاونيات أو جمعيات، خاصة داخل الدواوير.
كما انتقد بشدة النقص الكبير في رقمنة عملية تسويق وتثمين المنتجات الفلاحية، وهو ما يحول دون وصول الفلاحين الصغار والمتوسطين بشكل مباشر وسلس إلى مختلف الأسواق ووجهات التسويق.
أشار “مجلس أعمارة” إلى تجارب ناجحة لبعض سلاسل الإنتاج في إطار التجميع التعاوني (مثل الحوامض والسكر والحليب)، مؤكدًا أن الإحصائيات تشير إلى أن 80% من المستفيدين من مشاريع التجميع هم فلاحون صغار.
ومع ذلك، نقل المجلس عن الفاعلين الذين تم الاستماع إليهم إشارتهم إلى أن الاستغلاليات الفلاحية الصغيرة تخضع في كثير من الأحيان لشروط مجحفة يحددها المجمعون الكبار فيما يتعلق بالأسعار وتوزيع الأرباح، مما يخلق بيئة غير مواتية لاستدامة آلية التجميع.
نبه المجلس إلى أن المعايير المعتمدة للانخراط في الهيئات البيمهنية أو مشاريع التجميع الفلاحي لا تزال تشكل صعوبات تعيق تنظيم الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة ومساهمتها المنتظمة في سلاسل القيمة، وبالتالي حرمانها من الاستفادة الكاملة من برامج الدعم والمواكبة والتكوين والبحث والتطوير.
أكد التقرير على أن تنظيم الفلاحين في إطار جمعيات وتعاونيات وهيئات مهنية يعتبر رافعة استراتيجية لتنمية القطاع الفلاحي في المغرب.
وأشار إلى أنه تم بموجب القانون رقم 03.12 إحداث 19 فدرالية بيمهنية، منها 14 تمثل السلاسل النباتية و 5 تمثل السلاسل الحيوانية.
وأوضح “مجلس أعمارة” أنه تم سن آلية التجميع بموجب القانون رقم 04.12، والتي تتيح للمستغلين الفلاحيين الاستفادة من تقنيات عصرية وتمويلات ملائمة والولوج إلى الأسواق، كما تمكن المجمعين من ضمان تزويد وحداتهم الصناعية بمنتجات ذات جودة مع إمكانية تتبع الإنتاج.
بلغة الأرقام، أفادت معطيات تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن برنامج التجميع الفلاحي قد شمل 84 مشروعًا في عدة سلاسل للإنتاج النباتي والحيواني تضم 58 ألفًا و300 فلاحًا، وتغطي مساحة إجمالية قدرها 188 ألف هكتار.