الفيدرالي الأميركي في مواجهة ضغوط اقتصادية وسياسية: هل آن أوان خفض الفائدة؟

يجتمع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وأعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هذا الأسبوع وسط مشهد اقتصادي معقد وضغوط سياسية متزايدة، بالتزامن مع صدور سلسلة من البيانات الحيوية التي قد تؤثر على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة.
ومن المقرر أن يعقد الاجتماع يومي الثلاثاء والأربعاء، في وقت تتزامن فيه جلسات النقاش مع صدور تقارير رسمية عن الناتج المحلي الإجمالي والتوظيف والتضخم—وهي مؤشرات تُعدّ أساسية في رسم السياسة النقدية.
وتشير التوقعات على نطاق واسع إلى تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير في هذا الاجتماع، في ظل غياب إشارات قوية تُبرّر التحرك الفوري.
تشير التقديرات الأولية إلى أن الاقتصاد الأميركي شهد نموًا سنويًا بنسبة 2.4% خلال الربع الثاني، بعد انكماش بنسبة 0.5% في الربع الأول من 2025، مدعومًا بتراجع كبير في العجز التجاري.
غير أن هذا النمو يخفي وراءه تباطؤًا في الإنفاق الاستهلاكي واستثمار الشركات، بحسب تقارير مرتقبة من وزارة التجارة.
ويُتوقع أن يسجل إنفاق المستهلكين نموًا متواضعًا بنسبة 1.5% فقط، وهي أبطأ وتيرة إنفاق منذ جائحة 2020. أما قطاع الإسكان، فلا يزال يعاني من حالة من التذبذب تؤثر على الزخم الاقتصادي.
من المرجّح أن تُظهر بيانات التوظيف لشهر يوليو مؤشرات على تباطؤ في عمليات التوظيف، بعد أن دعمت قفزة في وظائف التعليم أرقام يونيو.
ويتوقع المحللون إضافة نحو 100 ألف وظيفة في القطاع الخاص، في أضعف أداء شهري خلال ثمانية أشهر، مع احتمال ارتفاع معدل البطالة إلى 4.2%.
وتعزز هذه الأرقام القلق داخل أوساط الفيدرالي، حيث بدأ بعض الأعضاء بالفعل الإشارة إلى ضعف سوق العمل، بل إن اثنين منهم أعربا عن استعدادهم لدراسة خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب.
الضغوط لا تأتي فقط من داخل المجلس. فالرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يُخفِ رغبته في أن يخفّض الفيدرالي تكاليف الاقتراض لدعم المستهلكين والشركات، في ظل صراعات تجارية لا تزال تلقي بظلالها على الاقتصاد الأميركي.
بحسب محللي “بلومبرغ إيكونوميكس”، فإن التباطؤ الاستهلاكي يظل الخطر الأبرز الذي يهدد آفاق الاقتصاد الأميركي. وعلى الرغم من أن مبيعات التجزئة في يونيو جاءت أفضل من المتوقع، إلا أن الارتفاع نُسب إلى زيادة الأسعار بفعل الرسوم الجمركية وليس إلى تحسّن حقيقي في الطلب.
ويُجمع المراقبون على أن سوق العمل ستظل العامل الحاسم في تحديد الاتجاه الاقتصادي، وأن أي تدهور إضافي قد يُجبر الفيدرالي على تعديل استراتيجيته النقدية قريبًا، ربما باتجاه التيسير.
رغم أن الفيدرالي يُرجّح أن يُبقي على أسعار الفائدة مستقرة في اجتماعه هذا الأسبوع، فإن الضغوط السياسية، وضعف سوق العمل، وتباطؤ الاستهلاك قد تفرض عليه قريبًا التفكير في خفض الفائدة—في لحظة فارقة للاقتصاد الأميركي.