الاقتصادية

الفضة تتألق بين التوترات الاقتصادية والتحديات الصناعية: هل تواصل التفوق على الذهب؟

شهدت الفضة هذا العام انتعاشًا لافتًا في الأسواق العالمية، مستفيدة من مكانتها كملاذ آمن وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي التي تهيمن على المشهد، خاصة مع السياسات الجمركية المتشددة التي أطلقها ترامب وتنامي المخاوف بشأن تراجع المعروض.

في بداية الشهر الجاري، سجلت الفضة أعلى مستوياتها منذ أكثر من 14 عامًا، متجاوزة حاجز 39 دولارًا للأوقية، في ظل توقعات بعجز مستمر في المعروض للسنة الخامسة على التوالي، وفقًا لمعهد الفضة. ويزداد الإقبال على المعدن الثمين كأداة للتحوط في أوقات التوترات والاضطرابات العالمية.

إلى جانب قيمتها كأصل استثماري، تحظى الفضة بأهمية صناعية كبيرة، مما يجعل أداؤها مرتبطًا بالتقلبات الاقتصادية بشكل أكبر من الذهب.

فبينما يميل الذهب إلى التفوق في فترات الركود، تتأثر الفضة بشكل أكبر بحالة الاقتصاد العالمي.

تعتبر الفضة من أفضل الموصلات الكهربائية عالميًا، وهو ما يجعلها عنصرًا رئيسيًا في تصنيع الألواح الشمسية، السيارات الكهربائية، والإلكترونيات الدقيقة.

وقد ارتفعت حصة قطاع الطاقة الشمسية من إجمالي الطلب على الفضة من 12% عام 2022 إلى نحو 25% في 2024، مع توقعات بنمو أكبر في الأعوام القادمة.

شهدت الأسواق مؤخرًا انخفاضًا في الثقة في أصول الملاذ الآمن الأمريكية التقليدية، مثل سندات الخزانة والدولار، نتيجة تصاعد الدين الفيدرالي وتزايد المخاوف بشأن القدرة على إدارته. وهذا الأمر عزز من جاذبية الفضة كبديل تحوط.

صعد الذهب بقوة منذ بداية العام بفضل تلك المخاوف، وتبعته الفضة التي استفادت من الطلب الصناعي المتزايد، خصوصًا في قطاع الطاقة النظيفة. ارتفع سعر الفضة بنسبة تزيد عن 32%، متفوقة على مكاسب الذهب التي بلغت 27%.

رغم ذلك، لا تزال الفضة تُعتبر أقل تكلفة تاريخيًا، حيث يتطلب شراء أوقية من الذهب حاليًا نحو 86 أوقية من الفضة، مقارنة بمتوسط 80 أوقية على مدى العقد الماضي.

هل الفضة في المراحل الأولى من موجة صعود تدفعها لتجاوز أعلى مستوياتها على الإطلاق قرب 50 دولارًا؟

المسؤول/الجهة

التوقع

سيتي جروب

يتوقع وصول سعر الفضة إلى مستوى 40 دولارًا خلال ثلاثة أشهر، أما في الفترة التي تتراوح بين ستة إلى اثني عشر شهرًا فيتوقع ارتفاع السعر عند 43 دولارًا.

“أوتافيو كوستا” الخبير الاستراتيجي لدى “كريسات كابيتال”

أوضح أن الفضة لطالما اتبعت أداء الذهب في الآونة الأخيرة، وكتب في منشور على منصة “إكس”: نحن على الأرجح في المراحل الأولى من سوق صاعدة طويلة الأمد للمعدن.

وأشار إلى أن الفضة عادة ما تتخلف عن الذهب في المراحل الأولى من ارتفاع أسعار المعادن الثمينة قبل أن تتفوق عليه لاحقًا.

“بول سيانا” المحلل الفني لدى “بنك أوف أمريكا”

اختبار المعدن أعلى مستوياته على الإطلاق قرب 50 دولارًا أمر وارد.

شركة الأبحاث الكندية “كاتوسا”

تظهر بيئة السوق الحالية ما يسمى بإشارات “بافت” الحاسمة للفضة، أي العوامل التي دفعت الملياردير “وارن بافت” لشراء ما يقرب من حوالي 130 مليون أوقية في الستينيات، وهي الخطوة التي آتت ثمارها مع ارتفاع السعر بأكثر من 1000% في السنوات التالية.

هذه المؤشرات التي – تسبق ارتفاعات هائلة في السعر تاريخيًا – هي: عجز متزايد في المعروض، ركود في الإنتاج، وانخفاض في المخزونات.

“ديفيد ويلسون” استراتيجي السلع لدى “بي إن بي باريبا”

أوضح في مذكرة للعملاء أن ارتفاع إنتاج الخلايا الشمسية في الصين قد أعطى دفعة لأسعار الفضة.

لكنه أشار إلى احتمالية تضاؤل هذا الطلب، مع انخفاض كمية المعدن اللازمة لكل جيجاواط من توليد الطاقة الشمسية بحوالي 50% تقريبًا منذ عام 2020.

قد يتراجع الطلب على الفضة كأداة تحوط إذا هدأت المخاوف الاقتصادية والسياسية، أو أظهرت الإدارة الأمريكية جهودًا جدية للحد من العجز المالي، مما قد يقلل من الضغط على المستثمرين للبحث عن بدائل لأصول الدولار.

رغم ذلك، من المتوقع أن يظل الطلب الصناعي، وخاصة من قطاعات السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية، قوة دافعة لأسعار الفضة. وقد تعزز تخفيضات الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي من جاذبية الفضة للمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن، رغم أنها لا تقدم عوائد نقدية مباشرة.

تجمع الفضة بين دورها كأصل تحوطي في مواجهة المخاطر المالية والتجارية، وكونها معدنًا حيويًا للثورة الصناعية الجديدة في الطاقة النظيفة.

ومع استمرار تراجع المعروض وارتفاع الطلب الصناعي، تبدو الفضة في موقع جيد للحفاظ على زخمها، لكن السؤال يبقى: هل ستتمكن من مواصلة التفوق على الذهب في سباق المعادن النفيسة؟

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى