الشركات الناشئة في المغرب…أفكار تتلاشى وسط هيمنة العلاقات على الكفاءة

في وقت تسير العديد من دول القارة الإفريقية بخطى ثابتة نحو تعزيز منظومة الشركات الناشئة وجذب الاستثمارات النوعية، يجد المغرب نفسه محاصراً بتحديات جمة تعيق نمو هذا القطاع الحيوي.
فقد أصبحت قضية التمويل، خاصة اكتتاب رؤوس الأموال، عقبة رئيسية أمام الشركات المغربية الناشئة التي تسعى إلى الابتكار والتوسع.
كشف تقرير حديث لمنصة “Africa The Big Deal”، المتخصصة في مراقبة نشاط ريادة الأعمال بالقارة، أن إجمالي الاستثمارات في الشركات الناشئة الإفريقية بلغ خلال النصف الأول من عام 2025 حوالي 1.4 مليار دولار، بزيادة تجاوزت 78% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
غير أن المغرب لم يكن جزءاً من هذا النجاح، إذ لم تُسجّل في المملكة أي صفقة تمويلية تتجاوز 100 ألف دولار خلال ذات الفترة.
ويعزو الخبير منير بنجاس هذا التفاوت إلى اختلاف طبيعة الشركات الناشئة في المغرب، حيث توجد فئتان متباينتان: الأولى شركات تعمل بجد واجتهاد لتطوير منتجاتها وخدماتها، لكنها تعاني من صعوبة كبيرة في الحصول على التمويل اللازم، حتى لو كان صغيراً.
والثانية شركات تعتمد بشكل رئيسي على العلاقات الشخصية وشبكات النفوذ، وتتمكن من جذب مبالغ ضخمة، رغم أن منتجاتها غالباً ما تفتقر إلى الجودة والابتكار.
وينتقد بنجاس هذا الواقع الذي يوجه التمويلات إلى مشاريع ضعيفة الأداء، بينما تبقى الأفكار الحقيقية والموهوبون في ظلال الإهمال، مما ينعكس سلباً على جودة الخدمات والتجارب المقدمة للمستخدمين.
ويشير إلى أن هذا النمط يشجع على التباهي بدل التركيز على الإنجازات الفعلية، مع ما يصاحبه من تأخر في تطوير بيئة ريادة الأعمال المغربية.
رغم ذلك، لا يفتقر المغرب إلى المبادرات الحكومية الداعمة، مثل برنامج “انطلاقة” الذي يمنح قروضاً ميسرة وضمانات بنكية للمشاريع الناشئة، وصندوق Innov Invest التابع لصندوق الضمان المركزي، إلى جانب برنامج “فرصة” الذي يقدم تمويلات صغيرة وبرامج تكوينية لرواد الأعمال الجدد.
يبقى التحدي الأكبر في كيفية توجيه التمويلات نحو المشاريع ذات الجدوى والابتكار، وضمان تكافؤ الفرص بعيداً عن تحكم العلاقات الشخصية، ليتمكن المغرب من استثمار موارده البشرية والمواهب الكامنة ويحقق طفرة حقيقية في مجال ريادة الأعمال.