السر وراء بناء فرق عمل ناجحة: أكثر من مجرد جمع الكفاءات

لطالما كان يُعتقد أن تجميع مجموعة من الأفراد ذوي الكفاءات العالية هو الطريق السريع لبناء فريق عمل متميز.
ولكن الواقع يثبت أن هذا الاعتقاد ليس كافيًا، فحتى الفرق التي تضم أفضل العقول قد تواجه صعوبة في تحقيق التنسيق والتركيز، مما يؤدي إلى تشتت الجهود.
بعد سنوات من البحث والتجربة، أصبح واضحًا أن السر وراء نجاح الفرق لا يكمن في مجرد جمع الأفراد المتميزين، بل في تمكينهم للعمل بشكل منسجم ومتناسق. بناء فريق قوي ومتماسك قادر على التكيف مع التحديات يتطلب استثمارًا مستمرًا في الوقت والجهد.
لا يمكن تحقيق هذه النتيجة بين عشية وضحاها، بل هي عملية مستمرة تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتنمية مستمرة لقدرات الفريق، لضمان جاهزيتهم لمواجهة التحديات المستقبلية.
4 أسرار لبناء فريق قوي ومتماسك |
||
1- إنشاء دليل شامل لجميع السيناريوهات |
|
– لعلّ أهم سر على الإطلاق هو إدراك الحاجة الملحّة إلى دليل عمل شامل، هذا الدليل ليس مجرد وثيقة جامدة، بل هو مرجع حيوي متطور، يُعد فريقك لكل ما قد يواجهونه من تحديات. – يشبه هذا الدليل بوصلة الفريق، حيث يجد كل فرد فيه إجابات تفصيلية عن جميع العمليات، والمهام، وحتى المشكلات غير المتوقعة التي قد تعيق سير العمل. – لن يضيع فريقك في مواجهة أي تحدٍ بفضل هذا الدليل، بل سيكون لديه خارطة طريق واضحة توجهه نحو الحل الأمثل. – ومع ذلك، فإن إعداد دليل واضح ليس سوى البداية، يجب أن يكون هذا الدليل في حالة تحديث مستمر، لينعكس فيه كل جديد وتطور. – من خلال المراجعة الدورية والتعديلات اللازمة، تضمن أن الفريق يستخدم أحدث المعلومات وأفضل الممارسات. – وبهذا نغرس في فريق العمل ثقافة الاستعداد والتكيف، ونجعله قادراً على مواجهة أي ظرف بفعّالية ومهارة. |
2- تمكين فريق العمل وتزويده بكافة الصلاحيات |
|
– يكمن السر التالي في تمكين الفريق بمنحه الصلاحيات الكاملة لاتخاذ القرارات المستنيرة. – يكمن جوهر التمكين في الثقة المتبادلة بين القائد والفريق، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والابتكار. – ببساطة، يجب أن يسود جو من الثقة المتبادلة بينك وبين فريقك، وأن يشعروا بأنك تدعم قراراتهم، وأنك تثق في قدرتهم على اتخاذ القرارات الصائبة. – هذه الثقة المتبادلة هي حجر الزاوية في أي فريق ناجح، فهي تمكن الفريق من الاستجابة السريعة والفعالة لأي تحديات أو أزمات قد تطرأ. – عندما تواجهون موقفًا طارئًا، لن يتردد فريقك في اتخاذ القرارات المناسبة، بل سيكونون مستعدين للعمل كفريق واحد للوصول إلى الحلول الأمثل. – لتعزيز هذه الثقة، يجب أن يعرف كل عضو ما هي القرارات التي يمكنه اتخاذها بشكل مستقل، وما هي القرارات التي تتطلب مناقشة وموافقة منك أو من فريق القيادة. – يمنح هذا الوضوح الفريق الحرية اللازمة للعمل بفعّالية، وفي الوقت نفسه يحافظ على انسجام الفريق مع الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة. |
3- تطبيق بروتوكول “الاستجابة الأوليّة” |
|
– أثبت نموذج “الاستجابة الأوليّة” فعاليته الكبيرة في التعامل مع المشكلات، ويتمثل جوهر هذا النموذج في تكليف شخص محدد أو فريق مصغر بمعالجة أي مشكلة فور ظهورها. – والهدف من ذلك هو تسريع عملية اتخاذ القرار وحل المشكلات في مهدها، دون الحاجة إلى تصعيد الأمر إلى أعلى المستويات الإدارية. – ويتم ذلك من خلال تمكين المدير المباشر من تقييم المشكلة واتخاذ القرارات اللازمة لحلها بشكل فوري. – ولا يقتصر هذا النهج على تقليل زمن الاستجابة فحسب، بل يساهم أيضًا في توزيع أعباء العمل بشكل عادل بين أفراد الفريق. – من الأهمية بمكان أن يتلقى جميع أفراد المنظمة توجيهات واضحة وشاملة حول الإجراءات التي يجب اتخاذها في حالة وقوع أي حادث طارئ، مع تحديد الأدوار والمسؤوليات لكل فرد. – كما يجب أن يكون هناك نظام اتصالات فعّال يضمن وصول الجميع إلى المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب. – غني عن القول، إن هذا النهج يسهم في تعزيز روح المسؤولية الجماعية ويشجع على التعاون بين جميع الموظفين. |
4- إقامة جلسات تقييم مستمرة |
|
– لا يمكن إنكار أهمية ترسيخ ثقافة التقييمات المستمرة في بيئة العمل، إذ إن بناء فريق مرن قادر على مواجهة التحديات يتطلب أكثر من مجرد تقييم سنوي. – إننا نتحدث هنا عن عملية تقييم مستمرة ودورية، تهدف إلى تحسين الأداء بشكل مستمر بناءً على الممارسات الفعلية. – وبطبيعة الحال يتمتع فريقك بقدرة فريدة على رصد جوانب القوة والضعف في العمليات واقتراح الحلول المناسبة قبل تفاقم المشكلات. – وبذلك، تصبح جلسة التقييمات عنصراً أساسياً في سير العمل، مما يضمن مرونة العمليات وقدرتها على التكيف مع المتغيرات المستمرة. – من الضروري تأسيس آلية منهجية لجمع ملاحظات الأفراد وتقييم الأداء، ويمكن تحقيق ذلك عبر تنظيم اجتماعات دورية للفريق، سواء كانت يومية أو أسبوعية، بالإضافة إلى توفير قنوات تواصل شخصية، وحتى إتاحة الفرصة لتقديم الاقتراحات بشكل مجهول. – والهدف هو ترسيخ ثقافة مستمرة للتطوير والتحسين، حيث يُعتبر الإسهام في هذا التطوير هو القاعدة وليس الاستثناء . – ولا شكّ أن الموظفين يشعرون برغبة أكبر في الالتزام بأهداف المنظمة عندما يدركون أن آراءهم وأفكارهم محل تقدير ويتم أخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات الهامة. – يعزز هذا الشعور بالانتماء والمشاركة من ولائهم للمنظمة ويساهم في تحقيق النجاح المنشود. |
من خلال تبني هذه المبادئ الأساسية، يمكنك تمكين فريقك من تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات المهمة بشكل مستقل، مما يتيح لك التركيز على الرؤية الاستراتيجية للمؤسسة.