الركود الاقتصادي: هل يمكن التنبؤ به بدقة؟

في ظل التحذيرات المتزايدة من احتمال وقوع ركود في الاقتصادين العالمي والأمريكي، خاصة بعد التصعيد الذي شهدته الحرب التجارية في عهد الرئيس “دونالد ترامب”، يثار تساؤل أساسي حول كيفية التنبؤ بالركود ومدى دقة هذه التوقعات.
فما هي المؤشرات التي تساعد على التنبؤ بالأزمة الاقتصادية المقبلة؟ وهل يمكن الاعتماد على هذه المؤشرات بدرجة عالية من اليقين؟
يشير مفهوم الركود إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي المعدل وفقاً للتضخم لمدة ربعين سنويين متتاليين.
معايير رصد الركود في نموذج جيه بي مورجان |
|
المعيار |
توضيح |
أعباء ديون القطاع الخاص |
|
زخم الاقتصاد |
|
هوامش الأرباح |
|
الأسواق المالية |
– تتحرك الأسواق المالية بوتيرة أسرع من الاقتصاد برمته، وينطوي تقييم أسعار الأصول المتداولة بها على حسابات للمخاطر المحتملة، ومن ثم تصبح تحركات هذه الأسواق مرآة تعكس اتجاهات الاقتصاد الكلي. |
لكن كما يوضح هذا التعريف، تتطلب هذه البيانات وقتًا طويلاً للصدور وغالبًا ما يتم مراجعتها لاحقًا، مما يستدعي البحث عن مؤشرات أخرى تساعد في تحديد وقوع الركود مبكرًا.
المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للتنبؤ بالركود:
البطالة
تعد البطالة من المؤشرات الرئيسية التي تُظهر حدوث الركود فعليًا. في حالات الركود، تضطر الشركات لتسريح الموظفين بسبب تراجع النشاط الاقتصادي وركود الطلب.
عندما يرتفع المتوسط المتحرك لمدة 3 أشهر لمعدل البطالة بنسبة 0.5% على الأقل مقارنة بأدنى مستوى له في الاثني عشر شهرًا السابقة، يمكن اعتبار ذلك علامة على الركود.
انقلاب منحنى العائد
يعد انقلاب منحنى العائد من المؤشرات الأولية على احتمال حدوث ركود اقتصادي. يحدث هذا الانقلاب عندما تكون عوائد السندات طويلة الأجل أقل من السندات قصيرة الأجل، وهو ما يشير إلى أن المستثمرين يتوقعون أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي.
ثقة المستهلكين والمستثمرين
تراجع ثقة المستهلكين والمستثمرين يعد أيضًا مؤشرًا على حدوث الركود. فعندما يشعر المستهلكون بتراجع ثقتهم في الاقتصاد، فإنهم يقللون من نفقاتهم المستقبلية، مما يؤدي إلى تراجع الطلب الكلي. نفس الشيء ينطبق على المستثمرين الذين قد يقللون من استثماراتهم الرأسمالية.
مؤشرات مديري المشتريات
تعد مؤشرات مديري المشتريات من الأدوات القوية للتحذير المبكر من الركود. تعكس هذه المؤشرات النشاط في القطاعين الصناعي والخدمي، بما في ذلك الطلب على المنتجات، خطط الشركات للتوظيف أو تسريح العمالة، وتكاليف الإنتاج وأسعار البيع.
مبيعات التجزئة
تعتبر مبيعات التجزئة من المؤشرات الوثيقة التي تعكس حركة الاستهلاك في الاقتصاد. أي تراجع في مبيعات التجزئة قد يشير إلى انخفاض في النشاط الاقتصادي، وإذا استمر هذا التراجع فقد يؤدي إلى الركود.
أسعار المنازل
انخفاض أسعار المنازل يمكن أن يكون مؤشرًا على تراجع الطلب عليها نتيجة لضغوط مالية تواجهها الأسر. هذه الضغوط قد تدفع الأسر إلى إعادة ترتيب أولويات الإنفاق على السلع والخدمات الأساسية، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد.
و تتسم التنبؤات حول الركود بدرجة من عدم اليقين نظرًا لتعدد المؤشرات الاقتصادية التي يمكن الاعتماد عليها. ولكن الحكم الرسمي بشأن حدوث الركود في الولايات المتحدة يعود إلى لجنة تأريخ دورة الأعمال التابعة للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، التي تعتمد على مجموعة واسعة من البيانات الكلية.
كما يعد الركود من الظواهر النادرة، حيث سجل صندوق النقد الدولي 122 أزمة ركود في 21 اقتصادًا متقدمًا بين عامي 1960 و2007.
ويتراوح متوسط مدة الركود حوالي عام واحد، مع انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2%، وقد يصل هذا الانخفاض إلى 5% في حالات الركود الحاد.
رغم تزايد التحذيرات من الركود، تظل التوقعات الاقتصادية تعتمد على تحليل شامل للمؤشرات المتعددة، مما يتيح للمستثمرين والمخططين الاقتصاديين فرصة أكبر لفهم التطورات الاقتصادية المستقبلية.