اقتصاد المغربالأخبار

الذكاء الاصطناعي يقود خطوات مبتكرة في التنقيب عن الغاز الطبيعي شرق المغرب

في خطوة علمية متقدمة، أحرز باحثون مغاربة تقدمًا لافتًا في مجال استكشاف الموارد الطاقية، من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي لتحليل التكوينات الجيولوجية العميقة وتحديد خصائص الصخور الخزانية (الليثوفاسيز) بمنطقة تندرارة–ميسور شرق المملكة، وهي منطقة معروفة بإمكاناتها الواعدة في مجال الغاز الطبيعي.

ويأتي هذا الإنجاز في سياق سعي المغرب إلى تعزيز استقلاله الطاقي والاعتماد على حلول تقنية مبتكرة لتعويض نقص البيانات الميدانية المكلفة، مثل العينات اللبية الجيولوجية.

وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Journal of African Earth Sciences، وقادها الباحث يوسف البوعزاوي من جامعة محمد الأول بوجدة، بمشاركة باحثين من مؤسسات أكاديمية مغربية أخرى، وبدعم من شركة “ساوند إنيرجي المغرب”.

واختبر الفريق البحثي ثلاث تقنيات ذكاء اصطناعي: “الغابة العشوائية”، و”الشبكة العصبية متعددة الطبقات”، و”تحليل التجمعات”، بهدف تحليل سجلات آبار لا تتوفر على عينات لبية، وتوقع أنواع الصخور في أعماق تصل إلى 417 مترًا.

اعتمدت الدراسة على بيانات سجلات الآبار التي تضمنت قياسات دقيقة مثل أشعة غاما، والكثافة، والموجات الصوتية، وتمت معالجة هذه البيانات للتنبؤ بالخصائص الليثولوجية في طبقات جيولوجية لم يتم أخذ عينات منها.

وكانت النتائج حاسمة، إذ تفوق نموذج “الشبكة العصبية متعددة الطبقات” بدقة بلغت 87%، مقارنة بـ82% لنموذج “الغابة العشوائية”، فيما جاءت نتائج “تحليل التجمعات” ضعيفة عند 44%.

وكشف الباحثون عن أربعة أنواع رئيسية من الصخور ضمن تكوين “تاجي” الرسوبي، وهي: الحجر الرملي، والحجر الرملي الحصوي، والكونغلوميرا، والطين الصفحي المختلط بالغرين.

كما بينت النماذج وجود تغيّرات أفقية واضحة في تكوين الصخور بين آبار متقاربة، ما يشير إلى بيئات جيولوجية قديمة كانت تتسم بتقلبات طاقية وترسيبية، مثل الأنظمة النهرية والسهول النشطة.

أهمية هذا العمل تكمن في كونه نموذجًا يُحتذى به لكيفية استثمار الذكاء الاصطناعي لتعويض المعطيات الميدانية المكلفة والمعقدة، وهو ما يمثل تحولًا جوهريًا في مقاربة عمليات التنقيب الطاقي بالمغرب.

فبدلًا من الاعتماد الحصري على العمليات الجيولوجية التقليدية، أصبحت أدوات التحليل الرقمي قادرة على تقديم رؤى دقيقة ومباشرة عن التكوينات الصخرية تحت الأرض.

وأوصت الدراسة بضرورة توسيع استخدام هذا النهج إلى مناطق أخرى داخل المملكة، وربطه ببيانات الزلازل لتطوير نماذج ثلاثية الأبعاد دقيقة للبنية التحتية الجيولوجية، وهو ما من شأنه أن يرفع من تنافسية المغرب في سوق الطاقة، خاصة في ظل الاهتمام المتنامي بالطاقات المحلية وتقليص الاعتماد على الاستيراد.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى