الاقتصادية

التضخم يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي في اليابان وسط ضغوط داخلية وخارجية

شهدت اليابان خلال شهر مارس تسارعاً جديداً في معدلات التضخم، ما يدعم توجه بنك اليابان نحو سياسة نقدية أكثر تشدداً، وسط مخاوف متزايدة من تأثيرات الرسوم الجمركية الأميركية على الاقتصاد العالمي.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين، باستثناء الأغذية الطازجة، بنسبة 3.2% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، متجاوزاً معدل فبراير البالغ 3%.

كما سجل مؤشر التضخم الأساسي – الذي يستثني أيضاً أسعار الطاقة – نمواً بنسبة 2.9%، وهو أعلى مستوى له منذ مارس 2023، بحسب وزارة الشؤون الداخلية.

تتماشى هذه الأرقام مع توقعات الاقتصاديين، وتمنح صناع السياسة في بنك اليابان ثقة إضافية لمواصلة مسار رفع أسعار الفائدة التدريجي، خاصة في ظل استمرار معدلات التضخم فوق الهدف الرسمي البالغ 2% منذ قرابة ثلاث سنوات.

غير أن محافظ البنك كازو أويدا دعا إلى توخي الحذر، مشيراً إلى ضرورة مراقبة تداعيات السياسات التجارية الأميركية، خصوصاً بعد تصعيد إدارة واشنطن إجراءاتها الجمركية، ما قد يعقّد آفاق النمو والتضخم في الأسواق العالمية.

وعلى الرغم من برامج الدعم الحكومية لخفض فواتير المرافق العامة، واصلت أسعار الخدمات ارتفاعها بنسبة 1.4% على أساس سنوي، في حين قفزت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7.4%.

وكان لافتاً القفزة غير المسبوقة في أسعار الأرز، الغذاء الأساسي في اليابان، التي بلغت 92.1% مقارنة بالعام الماضي، وهي أعلى زيادة تُسجّل منذ بدء تدوين البيانات في عام 1971.

يتزامن هذا الارتفاع في كلفة المعيشة مع تراجع ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوياتها منذ عامين، إلى جانب انخفاض تأييد رئيس الوزراء شينغرو إيشيبا إلى أدنى مستوى له منذ توليه المنصب في أكتوبر، وفق استطلاع أجرته هيئة الإذاعة الوطنية.

ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المتوقعة في يوليو، تواجه الحكومة ضغوطاً متزايدة من النواب الداعين إلى تخفيضات ضريبية أو توزيع منح مالية مباشرة لدعم الأسر المتضررة من موجة الغلاء، وهو ما يضع إيشيبا في موقف حرج، خاصة في ظل غياب الأغلبية البرلمانية.

من المتوقع أن تستمر الضغوط التضخمية خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار ضعف الين الياباني، وارتفاع تكاليف التشغيل نتيجة نقص العمالة وغلاء المواد الخام.

وكشفت دراسة أجرتها شركة تيكوكو داتابنك أن أكثر من 4000 سلعة غذائية ستشهد زيادات في الأسعار خلال شهر أبريل، وهي المرة الأولى التي يتجاوز فيها هذا الرقم عتبة 4000 منذ 18 شهراً.

تسارع التضخم في اليابان يعكس تحولاً حقيقياً في بيئة اقتصادية كانت لعقود تعاني من الركود والانكماش، لكنه يضع أيضاً تحديات ضخمة أمام صناع القرار الذين يسعون للتوفيق بين التحفيز الاقتصادي من جهة، واستقرار الأسعار ودعم القدرة الشرائية للمواطنين من جهة أخرى، وسط تهديدات خارجية قادمة من وراء المحيط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى