التحديات الاقتصادية والسياسية لأوروبا في مواجهة تهديدات ترامب

أثرت التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية على دول الاتحاد الأوروبي، على المناقشات في اجتماع القادة الأوروبيين الذي عُقد في بروكسل.
الاجتماع كان يهدف إلى تعزيز الإنفاق العسكري الأوروبي في مواجهة التهديد الروسي، ولكنه تحول إلى اختبارٍ جديدٍ للرد على الضغوط الأمريكية المتزايدة، في ظل فوز ترامب مجددًا برئاسة الولايات المتحدة.
كانت الدعوة لهذه “الخلوة” غير الرسمية قد وجهت إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روتيه ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
و تم تخصيص الاجتماع لمناقشة سبل تعزيز الدفاع عن أوروبا في ظل تصاعد التوترات مع روسيا بعد نحو ثلاث سنوات من الغزو الروسي لأوكرانيا.
لكن التهديدات التي أطلقها ترامب، والذي فرض رسومًا جمركية على كندا والمكسيك والصين، وضعت أوروبا في موقف صعب. وتعددت ردود الفعل الأوروبية، حيث أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “أوروبا يجب أن ترد بحزم على أي هجوم يتعلق بالمسائل التجارية، وأن تبقى ثابتة في موقفها”.
بينما أكد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ضرورة تجنب الحروب التجارية التي لا تفيد، قائلاً: “يجب علينا بذل كل ما في وسعنا لتفادي هذه الرسوم الجمركية والحروب التجارية غير المجدية”.
من جانبه، شدد الاتحاد الأوروبي على أنه سيرد “بحزم” في حال فرض ترامب رسوماً جمركية على دول الاتحاد، مؤكدًا عزمه على الدفاع عن مصالحه الاقتصادية في حال وقوع أي تصعيد.
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، قامت الدول الأوروبية بزيادة ميزانياتها العسكرية بشكل كبير. ومع ذلك، يواجه القادة الأوروبيون تحديًا حقيقيًا في تسريع تسليح بلدانهم، خصوصًا في ظل المخاوف المتزايدة من احتمال قيام روسيا بشن هجوم على أحد الدول الأوروبية في السنوات القادمة.
ومع عودة ترامب إلى الساحة السياسية الأمريكية، تبدو أوروبا أمام تحدٍ جديدٍ في علاقتها العسكرية والاقتصادية مع الولايات المتحدة.
ترامب، الذي يكرر مطالباته بزيادة الإنفاق العسكري الأوروبي، يضغط على الدول الأوروبية لتخصيص ما لا يقل عن 5% من ناتجها المحلي الإجمالي لهذا الغرض. وهو ما يعتبره البعض هدفًا غير واقعي، في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من أن الرئيس الأمريكي قد يفرض شروطًا قاسية على حلفائه في الناتو.
أما في ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، فقد أعرب الأوروبيون عن قلقهم من احتمال أن يضغط ترامب على كييف لقبول اتفاق غير ملائم لإنهاء الصراع، وهو ما يشكل تهديدًا لموقفهم الثابت في دعم أوكرانيا.
أما فيما يخص المسائل الإقليمية، فقد أعربت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن عن استياءها من التهديدات الأمريكية بشأن غرينلاند، مؤكدة أنه “لا للبيع”.
فيما يخص زيادة الإنفاق الدفاعي، يُقدر الاتحاد الأوروبي أن هناك حاجة لاستثمار 500 مليار يورو إضافية في الدفاع خلال العقد المقبل.
و اقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تعديل القواعد الخاصة بميزانية الدفاع وتعزيز التعاون بين المقرضين وشركات إنتاج الأسلحة.
إلا أن مسألة التمويل المشترك لعمليات الدفاع لا تزال تثير جدلاً، حيث لم يظهر أي تحرك واضح في هذا المجال حتى الآن.
ومن جانب آخر، يرى الرئيس الفرنسي ماكرون أن أوروبا يجب أن تركز على تمويل صناعتها الدفاعية لتعزيز استقلالها، مشيرًا إلى أن “شراء السلع الأوروبية يساهم في جعل أوروبا أكثر استقلالية”. بينما ترى بعض الدول أنه يجب مراعاة ضرورة التعاون مع الولايات المتحدة لضمان علاقات جيدة مع ترامب في المستقبل، حتى إذا تطلب الأمر شراء الأسلحة الأمريكية.
وفي إطار العودة البريطانية إلى الساحة الأوروبية بعد خمس سنوات من “بريكست”، يسعى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى إعادة بناء العلاقات مع بروكسل، وقد طرح إمكانية إبرام اتفاق أمني مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون الدفاعي بين الجانبين.