البواري : الصادرات الفلاحية لا تستنزف مياه المغرب.. والواردات تجعل المملكة “مستورداً هيكلياً” للمياه

أكد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، أن حصة الصادرات الفلاحية المغربية من استهلاك المياه لا تتجاوز 5% فقط من إجمالي الموارد المائية المخصصة للقطاع، مفندًا بذلك التصورات التي تربط تزايد الاستهلاك المائي بالزراعات الموجهة للتصدير.
جاء توضيح الوزير في رد كتابي على تساؤلات الفريق الحركي في البرلمان، برئاسة إدريس السنتيسي، حول استراتيجية الحكومة في مواجهة تحديات مياه السقي في ظل التغيرات المناخية.
شدد البواري على أن مساحة الزراعات الموجهة للتصدير تبقى محدودة جدًا، حيث لا تتعدى 1% من مجموع المساحات القابلة للزراعة على الصعيد الوطني، و5% من إجمالي المساحة المسقية.
وأشار الوزير إلى أن تحليل المعطيات المتعلقة بالصادرات والواردات من المحاصيل الفلاحية يكشف عن استفادة البلاد من موازنة بين المنتجات المصدرة والمستوردة.
فالأرقام الرسمية تُظهر أن المغرب، من الناحية الهيكلية للموازنة المائية، يُعد مستورداً صافياً للمياه؛ إذ أن الواردات الفلاحية، خاصة من الحبوب، تتطلب ما يقارب 9 مليارات متر مكعب من المياه سنوياً. هذا ما يخلق فائضاً سنوياً في استيراد المياه الافتراضية يفوق 8.5 مليارات متر مكعب.
في إطار مواجهة التحديات المناخية، كشف الوزير عن اعتماد السلطات العمومية لسياسة استباقية وطموحة، تندرج ضمن استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” والبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027.
وتهدف هذه السياسة إلى الرفع من صمود القطاع الفلاحي من خلال برامج مهيكلة تركز على تدبير الطلب والاقتصاد في الماء، بالإضافة إلى تنمية وتنويع العرض المائي.
ومن أبرز هذه البرامج، استمرار تنفيذ سياسة السدود لرفع القدرة التخزينية بحوالي 6 مليارات متر مكعب، مع برمجة إنجاز 11 سداً إضافياً في أفق 2027. كما يشهد المغرب إطلاق مشاريع ضخمة للربط بين الأحواض المائية، والتي ستمكن من تعبئة حوالي مليار متر مكعب من المياه التي كانت تُفقد في البحر.
ويُشكل إنشاء محطات تحلية مياه البحر على طول الشريط الساحلي أحد الركائز الأساسية لهذه الاستراتيجية، حيث ستساهم في تعبئة حوالي 1.7 مليار متر مكعب، مما سيخفف الضغط على الأحواض المائية التقليدية ويعزز صمود الفلاحة المسقية.
وفي سياق تعزيز السيادة الغذائية الوطنية، أشار البواري إلى خطة طموحة لتأمين مخزون استراتيجي للمياه من خلال تطوير الري التكميلي. وتهدف الحكومة إلى تخصيص مساحة إجمالية تناهز مليون هكتار للري التكميلي، بهدف تأمين إنتاج استراتيجي من الحبوب يصل إلى حوالي 60 مليون قنطار.
وقد تم تحديد شطر أولي من مشاريع الري التكميلي على مساحة 164 ألف هكتار في جهات طنجة – تطوان -الحسيمة، وفاس – مكناس، والرباط – سلا – القنيطرة. ومن المقرر تنفيذ برنامج سنوي طموح لتجهيز 20 ألف هكتار سنوياً بالري التكميلي.
وشدد الوزير على أهمية تثمين زراعة الحبوب داخل المناطق المسقية الحالية، والتي تبلغ مساحتها حوالي 500 ألف هكتار، إضافة إلى تعبئة إمكانيات جديدة للتجهيز بالري التكميلي على مساحة إضافية مماثلة، مما سيساهم في مضاعفة القدرة الإنتاجية وتعزيز الأمن الغذائي للمملكة.