اقتصاد المغربالأخبار

ارتفاع الأسعار والغلاء الهيكلي يواصلان إشعال الأسواق المغربية

شهدت الأسواق المغربية ارتفاعاً جديداً في أسعار الخضر والمواد الأساسية، فيما تتصاعد الاحتجاجات الشعبية في عدة مدن، تعبيراً عن استياء المواطنين من الغلاء المتواصل وسوء الخدمات الصحية والتعليمية، وتدهور القدرة الشرائية للأسر.

وفي جولة ميدانية بسوق العاصمة الرباط، تبين أن أسعار البطاطس وصلت إلى 8 دراهم للكيلوغرام، والطماطم والبصل إلى 7 دراهم، فيما استمرت أسعار اللحوم الحمراء في الارتفاع لتصل إلى 120 درهماً للكيلوغرام، على الرغم من الدعم العمومي الموجه لمستوردي اللحوم بهدف كبح الأسعار.

و منذ تولي حكومة عزيز أخنوش مقاليد السلطة قبل أربع سنوات، لم يشهد المواطن أي انخفاض ملموس في أسعار المواد الأساسية، حيث أصبح الغلاء واقعاً ثابتاً رغم الوعود الحكومية بتقوية الإنتاج الوطني وتفعيل آليات المراقبة لضبط السوق.

وأكد عدد من تجار الخضر أن الأسعار “لم تهدأ منذ سنوات”، مرجعين ذلك إلى ارتفاع تكاليف النقل والماء والأسمدة، وكثرة الوسطاء، والمضاربة التي تضاعف الأسعار قبل وصولها للمستهلك.

رغم برامج الدعم التي أعلنتها الحكومة للفلاحين الكبار والمستوردين، تكاد النتائج على أرض الواقع تكون منعدمة. فأسعار اللحوم في أسواق الرباط لم تنخفض عن 120 درهماً، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على فشل سياسة الدعم غير الموجه، التي استنزفت ميزانيات ضخمة دون أن تترجم إلى تخفيف حقيقي للأعباء على المستهلك.

وفي الوقت نفسه، يستفيد كبار المنتجين الزراعيين من إعفاءات وتسهيلات مالية لإنتاج الخضر والفواكه، غير أن هذه المنتجات تصدر بكميات كبيرة إلى الخارج بأسعار أقل مما تباع به داخل المملكة، مما يعمق الفجوة بين السياسات الاقتصادية والواقع المعيشي للمواطن.

المفارقة الكبرى أن المغرب يشهد وفرة في الإنتاج الزراعي والبحري، إلا أن المستهلك لا يشعر بذلك في الأسواق. حتى الأسماك التي تعتبر ثروة وطنية، تباع بأسعار مرتفعة، لا تقل عن أسعار اللحوم، ما جعل عبارة “الفقير لا يأكل لا اللحم لا الحوت” شائعة بين المواطنين.

ويقول أحد الباعة في سوق يعقوب المنصور بالرباط: “المشكل ماشي فقلة السلع، المشكل فالمضاربة والوسطاء الكثار… الفلاح كيعطي الطماطم بثلاثة دراهم والمستهلك يشتريها بعشرة!”

يرتبط الغلاء المستمر بموجة احتجاجات شعبية في عدد من المدن، رفع فيها المواطنون شعارات تطالب بـ”العدالة والكرامة” و”وقف نزيف الغلاء”، معتبرين أن الحكومة فقدت بوصلتها الاقتصادية وعاجزة عن حماية القدرة الشرائية للمواطنين.

وقد حذر العديد من الفاعلين من أن استمرار الوضع بهذا الشكل يهدد السلم الاجتماعي ويضعف الثقة بين الشارع والمؤسسات، خاصة في ظل الخطابات الرسمية المتفائلة، بينما يعيش المواطنون ضغوطاً معيشية غير مسبوقة.

ودعا خبراء ومراقبون إلى توجيه الدعم مباشرة إلى الأسر محدودة الدخل، وتفعيل الرقابة على الأسواق، وتحديد سقف للربح في سلاسل التوزيع للحد من المضاربة، إضافة إلى مراجعة سياسات التصدير التي تفضل الأسواق الخارجية على حساب المستهلك المحلي، وفرض شفافية كاملة في مسار الدعم العمومي.

مع مرور أربع سنوات على موجة الغلاء المستمرة، يزداد اقتناع المغاربة بأن الأزمة أصبحت هيكلية، وأن الحل يكمن في سياسات واقعية تضع المواطن في صلب أولويات الاقتصاد الوطني، بدل الاكتفاء بتبريرات مؤقتة لا تخفف وطأة الأسعار ولا تهدئ غضب الشارع.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى