احتياطي الفيدرالي الأمريكي بين مطرقة التضخم وسندان التوظيف

يواجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اليوم تحديات متزايدة تعقّد مهمته المزدوجة في السيطرة على التضخم والحفاظ على مستويات التوظيف، مما يفرض على صانعي القرار تبني نهج أكثر حذرًا ودقة في خطواتهم القادمة.
و يأتي ذلك في ظل بيئة اقتصادية معقدة، تتأثر بتقلبات داخلية وخارجية تشكل ضغطًا مستمرًا على مسار السياسة النقدية.
أكد ألبرتو موسالم، رئيس الاحتياطي الفيدرالي في فرع سانت لويس، أن المخاطر تحيط بكلا جانبي التفويض المركزي للبنك: فمن جهة، تساهم الرسوم الجمركية في دفع الأسعار للارتفاع، ما يفاقم الضغوط التضخمية، ومن جهة أخرى، يشهد سوق العمل تباطؤًا ملحوظًا في نمو الوظائف، مما يحد من قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل جديدة بوتيرة متسارعة.
هذه المعادلة المعقدة تضع الاحتياطي الفيدرالي أمام تحدٍ جوهري يتمثل في إيجاد توازن دقيق بين هدف الاستقرار السعري وتحقيق أقصى قدر ممكن من التوظيف، وهو ما يفرض دراسة متأنية لكل قرار نقدي يتخذه البنك المركزي.
و أشار موسالم إلى أن اتخاذ قرارات السياسة النقدية في هذا الظرف يتطلب تحليلًا دقيقًا لاحتمالية فشل أي من الهدفين، سواء كان في السيطرة على التضخم أو في دعم سوق العمل، مع تقييم حجم هذا الفشل ومدة استمرار تأثيره.
وأوضح أن هذه العملية المعقدة تشكل جوهر النقاشات الحالية داخل المجلس، خاصة مع استمرار الضغوط التضخمية من جهة، وتباطؤ النمو الاقتصادي من جهة أخرى.
على الرغم من الإدراك الواضح للتحديات، امتنع موسالم عن تقديم توقعات محددة بشأن احتمال خفض سعر الفائدة الأساسي في الاجتماع المقبل للاحتياطي الفيدرالي المقرر في سبتمبر.
واكتفى بالتأكيد على أن المجلس يدرس جميع السيناريوهات الممكنة لضمان التقدم نحو تحقيق أهدافه دون الإضرار بالاقتصاد الأمريكي.
تأتي تصريحات موسالم في وقت يترقب فيه المستثمرون والأسواق العالمية عن كثب أي مؤشرات أو إشارات توضح اتجاه السياسة النقدية المقبلة.
ويخشى العديد منهم أن تؤدي قرارات الاحتياطي الفيدرالي إلى تفاقم ضغوط التضخم أو إضعاف فرص النمو والتوظيف في الأشهر القادمة، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية والاقتصاد بشكل عام.
في ظل هذه الظروف الاقتصادية المعقدة، يبقى الاحتياطي الفيدرالي في موقف يتطلب موازنة دقيقة بين أهداف متعارضة، مع ضرورة التعامل مع ضغوط متعددة الأوجه.
وقد يكون القادم من القرارات النقدية محورًا حاسمًا في تحديد مسار الاقتصاد الأمريكي على المدى القريب، مما يجعل متابعة تحركات البنك المركزي عن كثب أمرًا ضروريًا للمستثمرين وصناع السياسات على حد سواء.