احتكار البنوك وعمولاتها المرتفعة.. عقبة أمام خدمات Revolut المجانية في المغرب

تتجه الأنظار إلى القطاع المصرفي المغربي مع الأنباء عن مفاوضات يجريها البنك الرقمي البريطاني Revolut مع بنك المغرب، بهدف دخول السوق المحلية.
هذه الخطوة لا تمثل مجرد توسع لشركة أجنبية، بل تعد بمثابة تحدٍ مباشر للبنوك التقليدية التي لطالما هيمنت على السوق وحققت أرباحاً هائلة من خلال العمولات المرتفعة.
تُعد البنوك المغربية من بين الأكثر ربحية في المنطقة بفضل العمولات، حيث بلغت أرباحها حوالي 10 مليارات درهم في عام 2024.
هذه الأرباح الضخمة تأتي من رسوم سنوية على الحسابات والبطاقات والمعاملات، قد تصل إلى 2000 درهم، وهو ما يمثل عبئاً كبيراً على الأفراد، خصوصاً المغتربين الذين تضاعفت تحويلاتهم في السنوات الأخيرة.
تأسست Revolut عام 2015، وهي اليوم من أسرع البنوك الرقمية نمواً في أوروبا، بأكثر من 40 مليون مستخدم وقيمة سوقية تتجاوز 33 مليار دولار.
تعتمد الشركة على نموذج عمل مبتكر يقدم خدمات مصرفية أساسية مجانية عبر تطبيق رقمي متطور، مما يجعلها خياراً جذاباً لملايين المستهلكين حول العالم.
دخول Revolut إلى المغرب ليس سهلاً، فالشركة تواجه تحديات تنظيمية وقانونية كبيرة. يعاني الإطار القانوني الحالي من ضعف واضح في حماية المستهلكين من الاحتيال البنكي، كما أن قوانين حماية البيانات تعتبر قديمة ولا تواكب تحديات الذكاء الاصطناعي والتهديدات السيبرانية.
ويرى خبراء أن هذا التردد في تحديث القوانين يعكس رغبة سياسية في حماية مصالح البنوك المحلية التي تهيمن على السوق. هذه البنوك، مثل التجاري وفا بنك والبنك الشعبي، تشكل ما يُعرف بـ”الأوليغوبول” (احتکار القلة)، حيث يسيطر عليها عدد قليل من المؤسسات المرتبطة بدوائر نفوذ اقتصادية وسياسية.
حتى لو تمكنت Revolut من الحصول على الضوء الأخضر من بنك المغرب، فمن المتوقع أن تواجه مقاومة شرسة من البنوك المحلية، التي قد تستخدم نفوذها السياسي والاقتصادي لفرض شروط تعجيزية أو عرقلة مسار الترخيص.
رغم هذه العقبات، فإن الطلب على الخدمات المالية الرقمية في المغرب يتزايد باستمرار. مع انتشار الهواتف الذكية وتزايد معاملات الدفع عبر الهاتف، يبحث قطاع واسع من الشباب والمستهلكين عن بدائل أكثر شفافية وأقل تكلفة.
كما يمكن للخدمات الرقمية أن تسهم في تعزيز الشمول المالي، خاصة في ظل وجود جزء كبير من الاقتصاد غير المهيكل. وصول Revolut قد يفتح الباب أمام دمج شرائح واسعة في النظام البنكي، مما يعود بالنفع على الاقتصاد ككل.
إن محاولة Revolut دخول السوق المغربية ليست مجرد منافسة تجارية، بل هي اختبار حقيقي للإرادة السياسية في المغرب. هل ستختار الحكومة الانفتاح على نماذج رقمية عصرية تخدم مصالح المستهلكين، أم ستفضل الإبقاء على نظام يحمي مصالح قلة من الفاعلين التقليديين؟