اقتصاد المغربالأخبار

إفريقيا الأطلسية بين ثلاث رؤى: المغرب ونيجيريا وجنوب أفريقيا في سباق النفوذ

في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، تبرز إفريقيا الأطلسية كساحة استراتيجية تشهد تنافسًا محمومًا على النفوذ والتأثير بين قوى القارة.

و يقود المغرب في هذا السياق مبادرات طموحة لترسيخ مكانته الإقليمية كقوة دبلوماسية وأمنية فاعلة. يسلط “تقرير الجيوسياسة الإفريقية 2025″، الصادر عن مركز Policy Center for the New South، الضوء على هذا الفضاء الأطلسي الذي كان مهمشًا لفترة طويلة قبل أن يعود إلى الواجهة بفضل الرؤية المتكاملة للمغرب.

يؤكد التقرير، الذي أشرف عليه الباحث عبد الحق باسو، أن المغرب يُعد أول دولة أفريقية تبلور تصورًا إقليميًا متكاملًا حول “إفريقيا الأطلسية”.

يقوم هذا التصور على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز العلاقات الثنائية، توسيع التحالفات الاقتصادية، والانخراط في التعاون متعدد الأطراف.

تهدف هذه الرؤية إلى تجاوز الجمود السياسي والانقسامات الإقليمية التي تعيق بناء شراكات حقيقية داخل القارة، مع التركيز على مبادئ التضامن والتنمية المشتركة والتكامل عبر البحر.

رغم طموح المغرب، فإن الطريق نحو تحقيق هذه الرؤية لا يخلو من التحديات. فكل من نيجيريا وجنوب أفريقيا تتبنيان مسارات مختلفة، وإن كانت تتقاطع أحيانًا. نيجيريا، على سبيل المثال، تتبع مقاربة سيادية تركز على أمن خليج غينيا وتعزيز استقلالها الطاقي.

بينما تحاول جنوب أفريقيا الموازنة بين واجهتيها البحرية في المحيطين الأطلسي والهندي، في ظل حسابات سياسية وجيوستراتيجية معقدة.

ومع ذلك، يشير التقرير إلى وجود تقاطعات حيوية بين الدول الثلاث، خاصة في مجالات الأمن البحري، البنى التحتية، والتكامل الطاقي. فمن الناحية اللوجستية، يمكن أن يشكل مثلث “طنجة المتوسط – لاجوس – ديربان” محورًا أفريقيًا واعدًا للربط البحري، على الرغم من أن العقبات القانونية والجمركية لا تزال تحول دون تفعيله بشكل كامل.

وفي مجال الطاقة، يبرز مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب كأحد أبرز مظاهر التعاون العملي، حيث من المتوقع أن يربط هذا المشروع الضخم 13 دولة بغرب القارة، مما يعزز مكانة المغرب كنقطة وصل استراتيجية بين إفريقيا وأوروبا.

تبقى الخلافات الجيوسياسية حجر عثرة حقيقي أمام تحقيق التكامل المنشود. من أبرز هذه الخلافات هو الموقف المتباين بين المغرب وجنوب أفريقيا بخصوص قضية الصحراء.

و تواصل بريتوريا دعم أطروحة “البوليساريو”، متجاهلة ما يعتبره المغرب حقًا تاريخيًا وقانونيًا مشروعًا، وهو ما يعيق تحقيق تنسيق فعلي في المحافل الدولية.

بين تقاطعات المصالح وتناقضات الرؤى، يظل الأمل معقودًا، كما يخلص التقرير، على تقوية المبادرات الإقليمية المدعومة بإرادة سياسية صلبة. فعندما تتجاوز الدول الأفريقية الحسابات الأيديولوجية والمواقف الجامدة، يمكن لإفريقيا الأطلسية أن تتحول من مجرد مفهوم جغرافي إلى قطب فاعل ومؤثر في التوازنات العالمية الجديدة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى