الاقتصادية

أسعار المعادن الأساسية في 2026..توقعات مرتفعة وسط اختلالات الإمدادات العالمية

تشير أحدث التوقعات إلى موجة ارتفاع جديدة في أسعار النحاس خلال العامين المقبلين، مدفوعة بسلسلة من الاضطرابات التي طالت مناجم رئيسية حول العالم، ما أثار مخاوف واسعة من نقص الإمدادات وتحول السوق من الفائض إلى العجز، بحسب استطلاع أجرته وكالة رويترز.

فقد قفز النحاس القياسي في بورصة لندن للمعادن (LME) إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من 16 شهرًا خلال أكتوبر، بعد توقفات تشغيلية في مناجم رئيسية بإندونيسيا والكونغو وتشيلي، وارتفعت أسعاره اليوم بنسبة 0.8% إلى 5.26 دولار للرطل، ليُسجّل بذلك ارتفاعًا إجماليًا قدره 25% منذ بداية العام.

أظهر متوسط توقعات 30 محللاً أن سعر النحاس النقدي في بورصة لندن سيبلغ نحو 10,500 دولار للطن المتري في عام 2026، أي بزيادة 7.2% عن التقديرات السابقة في يوليو الماضي.

ويرى ماثيو شيروود من وحدة المعلومات الاقتصادية (EIU) أن المكاسب الأخيرة للنحاس “مرشحة للاستمرار”، مشيرًا إلى أن “سوق النحاس المكرر سيبدأ في الانكماش في وقت أبكر مما كان متوقعاً، ما يعزز الاتجاه الصعودي للأسعار.”

وتأتي هذه التقديرات في أعقاب حادث مميت في منجم غراسبرغ بإندونيسيا، ثاني أكبر منجم نحاس في العالم، حيث تسبب فيضان طيني الشهر الماضي في مقتل سبعة عمال وتوقف مؤقت للإنتاج.

وبحسب الاستطلاع، تحولت التوقعات من فائض بنحو 40 ألف طن إلى عجز قدره 124 ألف طن في عام 2025، على أن يتعمق هذا العجز إلى 150 ألف طن في عام 2026، في ظل تزايد الطلب العالمي على المعادن المستخدمة في التحول الطاقي والبنية التحتية.

في المقابل، شهد الألمنيوم — المستخدم على نطاق واسع في النقل والبناء والتغليف — ارتفاعًا بنحو 14% منذ بداية العام، وسط توقعات بأن تصل الصين، أكبر منتج عالمي، إلى السقف الحكومي للإنتاج البالغ 45 مليون طن سنويًا.

وتوضح سوداكشينا أونيكريشنان من بنك ستاندرد تشارترد أن “التكاليف المتزايدة والقيود المحتملة على الإمداد ستدعم أسعار الألمنيوم على المدى المتوسط والطويل، في وقت يستمر فيه الطلب القوي من قطاعات الطاقة النظيفة.”

وتشير التقديرات إلى أن متوسط سعر الألمنيوم النقدي في بورصة لندن سيصل إلى 2,679 دولارًا للطن في 2026، بزيادة 3% عن التوقعات السابقة، فيما خُفِّضت تقديرات فائض السوق إلى 250 ألف طن فقط بدلًا من 281,500 طن.

أما الزنك، الذي يُستخدم أساسًا في طلاء الفولاذ (الجلفنة)، فحافظ على استقراره النسبي رغم انخفاض المخزونات في بورصة لندن بنسبة 85% منذ بداية العام. ويرجع ذلك، وفقًا للمحللين، إلى أن تراجع المخزونات لا يعكس الوضع الفعلي للإمدادات العالمية.

وتتوقع نانا أدووا سيربو من RBC أن “تشغيل مناجم جديدة مثل كيبوشي سيُسهم في تحسين المعروض خلال الفترة المقبلة، مما سيُبقي الأسعار ضمن نطاق متوازن.”

ووفقًا لاستطلاع رويترز، يُتوقّع أن يبلغ متوسط سعر الزنك النقدي في 2026 حوالي 2,838 دولارًا للطن، بزيادة طفيفة قدرها 2.2% عن التقديرات السابقة، مع ارتفاع الفائض العالمي المتوقع إلى 239 ألف طن.

تعكس هذه التغيرات ديناميكية جديدة في سوق المعادن، حيث باتت الاضطرابات الجيوتقنية والتغيرات المناخية والقيود التنظيمية في الصين تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد اتجاه الأسعار. وبينما يستعد العالم لمرحلة من الطلب القوي على المعادن الحيوية لمشروعات الطاقة المتجددة، يبدو أن التوازن بين العرض والطلب سيظل هشًا — وربما أكثر تقلبًا من أي وقت مضى.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى