أسطول القوات الجوية المغربية على مفترق طرق بين إمبراير و لوكهيد مارتن

تستعد القوات الجوية الملكية المغربية لاتخاذ قرار حاسم بشأن صفقة تحديث أسطولها من طائرات النقل التكتيكي، في واحدة من أبرز صفقات التحديث العسكري خلال السنوات الأخيرة.
وتتبارى في هذا السباق شركتان عالميتان: البرازيلية “إمبراير” بطرازها KC-390 Millennium، والأمريكية “لوكهيد مارتن” التي تعرض النسخة المطورة C-130J Super Hercules، في منافسة تتداخل فيها اعتبارات الأداء التكتيكي والتكلفة المالية والتحالفات الاستراتيجية.
ووفق تحليل نشره موقع “ميليتري أفريكا” المتخصص في الشؤون الدفاعية، تتجاوز قيمة الصفقة 600 مليون دولار، وتشمل شراء أربع إلى خمس طائرات لتعويض الأسطول الحالي المكون من 14 طائرة C-130H Hercules وطائرتين KC-130H للتزود بالوقود، والتي بدأت تظهر عليها علامات الشيخوخة بعد عقود طويلة من الخدمة.
وتأتي هذه الخطوة في إطار زيادة ميزانية الدفاع المغربية إلى 12.88 مليار دولار عام 2024، ما يعكس استراتيجية شاملة لتحديث القدرات العسكرية لمواجهة التحديات الإقليمية، من النزاع في الصحراء إلى التوترات المتصاعدة في منطقة الساحل.
ويطمح المغرب إلى اقتناء طائرات متعددة المهام، قادرة على العمل في بيئات متنوعة، بدءاً من الصحراء ذات الغبار الكثيف إلى المناطق الساحلية الرطبة، مع إمكانيات نقل القوات، والإجلاء الطبي، والبحث والإنقاذ، والمشاركة في بعثات حفظ السلام الدولية.
في هذا الإطار، تقدم إمبراير طائرتها KC-390 كخيار حديث يتميز بسرعة قصوى تصل إلى 988 كلم/ساعة وقدرة حمولة تصل إلى 26 طناً، مع استهلاك وقود اقتصادي ومرونة عالية في تنفيذ المهام، من إسقاط المظليين إلى مكافحة الحرائق والتزود بالوقود جواً.
كما نظمت الشركة البرازيلية تجارب طيران في قاعدة القنيطرة الجوية بمشاركة أطقم مغربية، ووقعت مذكرة تفاهم لإنشاء مركز طيران متكامل في المغرب باستثمار يقارب مليار دولار بحلول 2035، ما يعزز نقل التكنولوجيا وخلق فرص عمل محلية.
وفي المقابل، تراهن لوكهيد مارتن على علاقاتها التاريخية مع القوات الجوية المغربية منذ السبعينيات، حيث شكلت طائرات C-130 العمود الفقري لأسطول النقل العسكري.
وتطرح الشركة النسخة المطورة C-130J، المزودة بمحركات رولز رويس وأنظمة ملاحة متقدمة، مع قدرات محسّنة للهبوط في مدارج غير معبدة.
كما تستفيد الشركة الأمريكية من دعم سياسي من واشنطن، التي تدمج الصفقة ضمن شراكة عسكرية أوسع قد تشمل تحديث الأسطول الحالي أو التفاوض حول مقاتلات F-35، إضافة إلى وجود مركز صيانة تابع للشركة في بنسليمان يعزز موقعها محلياً.
ويخلص تقرير “ميليتري أفريكا” إلى أن قرار الرباط يتجاوز مقارنة تقنية بين الطائرتين، ليعكس توجهاً استراتيجياً: إما تعزيز التحالف التقليدي مع الولايات المتحدة والغرب، أو فتح الباب أمام شراكات جديدة مع قوى صاعدة مثل البرازيل، مع التركيز على نقل التكنولوجيا وتطوير صناعة الطيران المحلية.