أزمة البيض في الولايات المتحدة..ارتفاع الأسعار يهدد الاقتصاد ويثير القلق

تشهد الولايات المتحدة حالياً أزمة حادة في سوق البيض، مع ارتفاع الأسعار بأكبر وتيرة منذ عقد، مما يثير القلق بين المسؤولين الأمريكيين حول تأثير ذلك على معدلات التضخم وتقويض جهود السياسة النقدية التيسيرية.

يعود السبب الرئيسي لهذا الارتفاع الكبير في أسعار البيض إلى نقص المعروض، الناجم عن تفشي فيروس إنفلونزا الطيور في مزارع الدواجن الأمريكية.

أدى هذا التفشي إلى خسارة ملايين الدجاجات، مما أثر بشكل مباشر على توافر البيض في الأسواق. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة أركنساس أن التكاليف المرتبطة بفقدان قطعان الدجاج بين عامي 2022 و2023 ساهمت في زيادة الأسعار بنسبة تتراوح بين 12% إلى 24%.

منذ بداية تفشي إنفلونزا الطيور في أوائل عام 2022، تم إعدام 166 مليون دجاجة، وهو ما أدى إلى انخفاض عدد الدجاج البياض بنسبة 9% في يناير 2025 مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة، وفقاً لتقديرات وزارة الزراعة الأمريكية.

تنص القوانين الفيدرالية الأمريكية على ضرورة إعدام كامل القطيع في حالة إصابة أي دجاجة بفيروس إنفلونزا الطيور، وذلك بسبب خطر الفيروس على حياة الدواجن والحيوانات الأخرى.

مع بداية موسم الأعياد في بداية العام الجديد، زاد الطلب على البيض بشكل ملحوظ. هذا الارتفاع أدى إلى زيادة أسعار البيض بنسبة 157% مقارنة بالمعدلات السابقة، حيث اقترب سعر البيض من 5 دولارات للعبوة التي تحتوي على 12 بيضة في يناير 2025.

رداً على هذا الارتفاع الكبير في الأسعار، أطلقت وزارة العدل الأمريكية تحقيقاً لمعرفة سبب ارتفاع الأسعار، حيث تدرس الوزارة ما إذا كان كبار المنتجين قد تآمروا لتقليص المعروض من البيض.

كما أرسلت الوزارة خطابات إلى الشركات المتخصصة في إنتاج البيض، تطلب منهم الاحتفاظ بالوثائق المتعلقة بمحادثات التسعير مع العملاء والمنافسين.

يمثل ارتفاع أسعار البيض تهديداً للأمن الاجتماعي، حيث يشعر المستهلكون الأمريكيون بالقلق من تأثير ذلك على قدرتهم الشرائية.

وقد يؤدي هذا الارتفاع في الأسعار إلى تساؤلات حول فعالية السياسات الاقتصادية الأمريكية في السيطرة على التضخم. ويزداد الاهتمام بالبيض كسلعة غير مرنة، مما يعني أن ارتفاع الأسعار قد لا يؤدي بالضرورة إلى تقليل الطلب.

أصبح البيض سلعة نادرة وثمينة لدرجة أنه بات هدفاً للعصابات الإجرامية. ففي فبراير 2025، تم سرقة 100 ألف بيضة من مقطورة في ولاية بنسلفانيا، مما يعكس مدى تزايد قيمة البيض في السوق الأمريكية.

لمواجهة الأزمة، أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية الشهر الماضي عن خطة بقيمة مليار دولار لمكافحة إنفلونزا الطيور وحماية صناعة الدواجن، مع تقديم تعويضات للمزارعين عن فقدان قطعانهم بسبب الفيروس. كما تعتزم الوزارة اتخاذ خطوات لخفض أسعار البيض.

حتى الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” تدخل في هذه الأزمة، مؤكدًا أن وزارة الزراعة ستتخذ إجراءات للتصدي لارتفاع الأسعار.

ولكن بما أن الأمر قد يستغرق خمسة أشهر لتربية دجاجات بياض جديدة وزيادة الإنتاج، فمن المحتمل أن تلجأ الولايات المتحدة إلى استيراد البيض من الخارج كحل مؤقت للتخفيف من حدة الأزمة.