اقتصاد المغربالأخبار

أخرباش : الإشهار.. رهان سيادي يتطلب إعادة بناء منظومة الإعلام الوطنية على أسس الشفافية

لم يعد الإشهار مجرد محرك اقتصادي أو أداة تجارية عابرة، بل تحول اليوم إلى “رهان سيادي” يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمستقبل الإعلام الوطني واستقلاليته.

هذا هو النداء الذي أطلقته لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، في افتتاح المناظرة الوطنية الأولى حول الإشهار التي استضافتها الدار البيضاء.

وبحضور ثلة من الوزراء والمسؤولين والمهنيين، دعت أخرباش إلى إطلاق ورش شامل لإعادة بناء المنظومة الإشهارية المغربية برمتها، داعية إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والإنصاف والمسؤولية المجتمعية كأركان أساسية لهذه المنظومة الجديدة.

في كلمتها الافتتاحية، أكدت رئيسة “الهاكا” أن الإشهار، قبل أن يكون مسألة “حصص سوقية أو ميزانيات”، هو في جوهره “خطاب موجه إلى المواطن”.

وشددت على أن هذا الخطاب يصنع الرغبة، يبني الصورة، ويُكرِّس القيم الاجتماعية، ما يجعله غير قابل للانفصال عن المتطلبات الأخلاقية للمجال العمومي.

وفي سبيل حماية نزاهة الإعلام واستقلاليته، أكدت أخرباش التزام الهيئة بمبدأ الفصل الصارم بين المحتوى التحريري والإشهاري، مشيرة إلى أن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري سبق وأن اتخذ عقوبات رادعة ضد الممارسات التي تخل بهذا المبدأ.

كما دعت إلى ضرورة بلورة “عقيدة إعلامية وأخلاقية واضحة” تحدد بشكل جماعي و”دون لبس أو تساهل” ما هو مقبول وما هو مرفوض في الفضاء الإعلامي، بما ينسجم مع القيم والثقافة الوطنية المغربية.

و تطرقت أخرباش إلى إشكالية حوكمة سوق الإشهار، حيث حذرت من أن غياب الشفافية والإنصاف في توزيع الموارد الإعلانية يمثل خطرًا حقيقيًا يهدد التعددية الإعلامية ويقوض الاستقلالية التحريرية.

وشددت على ضرورة إرساء آليات واضحة للشفافية تضمن وصولًا منصفًا للموارد الإشهارية بين مختلف المتعهدين الإعلاميين، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد اللغوية والجغرافية والقطاعية في التوزيع.

لكن القلق الأكبر الذي عبرت عنه رئيسة “الهاكا” تمحور حول هيمنة المنصات الرقمية العالمية على سوق الإشهار المغربي.

فقد أحدث “نزوح الاستثمارات” نحو عمالقة مثل جوجل، وميتا، وتيك توك، ونتفليكس “اضطرابات كبيرة” في الأسواق الإعلامية الوطنية، مما قلّص موارد الإعلام المحلي.

وقالت أخرباش في هذا الصدد: “هذه المنصات الضخمة تحول الجمهور المحلي إلى مصدر للإيرادات، دون أن تخضع للإطار التنظيمي الوطني، وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً لإنصاف الفاعلين المحليين.”

ولمواجهة هذا التحدي، تقدمت رئيسة “الهاكا” باقتراح جريء يتمثل في فرض ضريبة خاصة على العائدات الإشهارية لهذه المنصات الرقمية العاملة في المغرب، استنادًا إلى تجارب دولية ناجحة.

ويهدف هذا الإجراء إلى إعادة توزيع جزء من القيمة المضافة “لفائدة وسائل الإعلام الوطنية ودعم الإنتاج المحلي”.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى