اقتصاد المغربالأخبار

عقارات “سيزي”…الوجه القاسي لصفقات المزاد.. حين تتحول بيوت الأسر إلى بضاعة

في زمن تتغير فيه إيقاعات الاقتصاد وتتسع فيه الهوة الاجتماعية، تبرز على مواقع التواصل الاجتماعي إعلانات تحمل وعودًا مغرية تحت شعار “سيزي”، تُسوّق عقارات بأثمان بخسة لا تكاد تمثل جزءًا من قيمتها الحقيقية.

غير أن ما يبدو للبعض فرصة ذهبية، يخفي وراءه مأساة إنسانية لآلاف الأسر التي فقدت بيوتها وأحلامها تحت وطأة ديون لم تستطع سدادها.

سوق العقار المغربي يشهد في السنوات الأخيرة ارتفاعًا مثيرًا للقلق في ملفات الحجز والمصادرة، وهي ظاهرة ازدادت حدتها عقب جائحة كورونا التي عمقت هشاشة الوضع المالي للأسر.

فكثير من العائلات لم تتمكن من الإيفاء بالتزاماتها تجاه البنوك، لتجد نفسها أمام إجراءات قضائية صارمة تُفضي إلى عرض ممتلكاتها في المزادات العلنية. إجراءات قانونية في ظاهرها، لكنها في جوهرها تطرح أسئلة عميقة حول العدالة الاجتماعية وحدود التضامن.

كما تؤكد المستشارة القانونية سناء مصلح أن القانون ليس موضع إشكال في حد ذاته، بل تكمن المشكلة في غياب آليات وقائية تراعي الظروف الإنسانية للمدينين. فالتأخر البسيط عن سداد الأقساط قد يكلف الأسرة مسكنها، في ظل غياب حلول مثل إعادة جدولة القروض أو توفير وساطة مؤسساتية فعالة.

وهكذا يتحول حق البنوك المشروع في استعادة أموالها إلى أداة قد تفضي إلى التشريد، ما يكشف ثغرات مؤلمة في منظومة الحماية القانونية.

الأخطر أن هذه الإجراءات خلقت سوقًا موازية، يستفيد منها مضاربون يقتنصون عقارات الأسر المتعثرة بأثمان زهيدة. عبر الإنترنت، تُعرض هذه العقارات كفرص استثمارية مربحة دون أي اعتبار للبعد الأخلاقي أو الإنساني. فبينما يرى المقتني فيها “صفقة العمر”، تعيش الأسر التي خسرتها صدمة فقدان المسكن والاستقرار.

تكشف هذه الظاهرة عن مأزق حقيقي: كيف يمكن للمجتمع أن يوازن بين حق المؤسسات المالية في استرداد مستحقاتها، وحق الأسر في الحفاظ على كرامتها وأبسط مقومات الاستقرار؟

سؤال معلق يحتاج إلى حلول مبتكرة وسياسات عمومية تُعيد الاعتبار للبعد الإنساني في المعاملات المالية، حتى لا تتحول حياة الناس إلى مجرد أرقام في دفاتر البنوك أو صفقات مربحة في مزادات علنية.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى