صفقات استحواذ عملاقة تشكل مستقبل قطاع النفط والغاز العالمي

شهد قطاع النفط والغاز خلال العقود الماضية سلسلة من صفقات الدمج والاستحواذ الضخمة التي أعادت رسم خريطة المنافسة العالمية، وما زالت هذه الحركة مستمرة بوتيرة متسارعة.

أثار تقرير حديث لصحيفة “وول ستريت جورنال” اهتماماً متجدداً حول أنباء استحواذ شركة “شل” على نظيرتها البريطانية “بي بي”، مما يعكس استمرار التنافس والتوسع في هذا القطاع الحيوي.

تُقدّر القيمة السوقية لشركة “بي بي” بحوالي 80 مليار دولار، وفي حال إتمام الصفقة، فإنها ستكون من أكبر صفقات الاستحواذ في تاريخ صناعة النفط، تقترب من حجم صفقة تأسيس “إكسون موبيل” التي بلغت 83 مليار دولار في أواخر القرن الماضي.

رغم ذلك، نفت “شل” رسميًا وجود أي محادثات حالية بهذا الشأن، وأوضح الرئيس التنفيذي “وائل صوان” أن الشركة تفضل حاليًا استثمار السيولة في إعادة شراء الأسهم بدلاً من خوض صفقة استحواذ كبيرة.

شهد عام 2023 نشاطًا ملحوظًا في عمليات الاستحواذ داخل قطاع الطاقة، خصوصًا في الولايات المتحدة، حيث تجاوزت قيمة الصفقات 250 مليار دولار، مما يعكس توجه الشركات لتعزيز مواقعها في سوق الطاقة العالمي وسط تحديات التحول الاقتصادي والبيئي.

خلال العقد الماضي، شهد السوق صفقات بارزة مثل استحواذ “أوكسيدنتال بتروليوم” على “أناداركو” بقيمة 38 مليار دولار في 2019، واندماج “ماراثون بتروليوم” مع “أنديفور” في صفقة بلغت 23 مليار دولار عام 2018.

ة في عام 2007، قامت شركة “ستات أويل” النرويجية، والتي أعيد تسميتها لاحقًا إلى “إكوينور”، بالاستحواذ على الأصول النفطية لشركة “نورسك هايدرو” في صفقة بلغت قيمتها 30 مليار دولار.

هذه الخطوة شكلت نقطة تحوّل رئيسية مكنت الشركة من توسيع نفوذها في بحر الشمال وخارج نطاقه، ما عزز من تنافسيتها في السوق الأوروبية والعالمية.

شهدت روسيا صفقة استحواذ محورية في 2012، عندما استحوذت “روسنفت” على شركة “تي إن كيه-بي بي” (TNK-BP) بقيمة 55 مليار دولار.

هذه الصفقة أعادت هيكلة ملكية الأصول في قطاع الطاقة الروسي، مما رفع من قدرات “روسنفت” التنافسية على الصعيد الدولي وجعلها من اللاعبين الكبار في سوق النفط العالمي.

تؤكد هذه الصفقات الضخمة على ديناميكية قطاع النفط والغاز، حيث تستمر الشركات الكبرى في السعي لتقوية مراكزها والاستعداد لمستقبل يتسم بالتحديات المتزايدة، من تقلبات الأسعار إلى متطلبات التحول الطاقي العالمي.

يبقى التكامل والتوسع عبر الاستحواذ أحد أبرز الأدوات التي تعتمد عليها هذه الشركات لضمان بقاء تنافسيتها في سوق متغير بسرعة.