دراسة مغربية تكشف: ضعف الكفاءة وخرق الوعود يدفعان الشباب للنفور من الأحزاب

كشفت دراسة علمية حديثة عن تراجع مقلق في مستوى الثقة السياسية لدى الشباب المغربي، مع تباين واضح بين المؤسسات المركزية والمحلية، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين جيل المستقبل ومؤسسات الحكم في المملكة.
الدراسة، التي نُشرت مؤخراً في مجلة “SocioEconomic Challenges” الألمانية، أشرف عليها كل من الدكتور محمد شريمي والدكتور محمد بن عيسى، ضمن مشروع بحثي يحلل ديناميكيات الثقة في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة التي يعيشها المغرب.
أظهرت نتائج البحث، الذي اعتمد على منهج كمي وكيفي شمل 400 استمارة موجّهة لشباب تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 سنة ومقابلات معمقة، مستويات ثقة متدنية جداً تجاه الأجهزة السياسية العليا.
فنسبة الثقة في الحكومة لم تتجاوز 16%، بينما سجل البرلمان 21%، وكان الأداء الأسوأ من نصيب الأحزاب السياسية التي حصلت على 15% فقط.
هذا التدهور في الثقة، وفقاً للباحثين، ينبع بالأساس من الشعور بضعف الكفاءة المؤسسية، وغياب الشفافية، ونقض الوعود الانتخابية، بالإضافة إلى تدهور جودة الخدمات العمومية في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والتشغيل.
حيث عبّر المشاركون عن إحباطهم من “غياب العدالة في توزيع الموارد” والإحساس بأن “العمل السياسي أصبح بعيداً عن هموم الشباب اليومية”.
و في المقابل، قدمت النتائج بصيص أمل في المؤسسات الأقرب إلى المواطن. إذ سجلت المجالس الجهوية والجماعات المحلية نسب ثقة أعلى بشكل ملحوظ، وصلت إلى 41% و40% على التوالي.
هذا التباين يدعم الفرضية القائلة بأن “الثقة تقلّ كلما ابتعدت المؤسسة عن المواطن”، ما يشير إلى أن القرب الجغرافي والإداري للمؤسسات الترابية يمنح الشباب شعوراً أكبر بالتأثير والمساءلة مقارنة بالمؤسسات المركزية.
كما أشارت الدراسة إلى أن أزمة الثقة أصبحت ظاهرة بنيوية وعامة، تتجاوز الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، حيث لم تُظهر التحليلات الإحصائية أي علاقة ذات دلالة بين الدخل الأسري ومستوى الثقة السياسية.
وخلصت الدراسة إلى أن استعادة ثقة الأجيال الصاعدة، وهي ركيزة أساسية لـ “تعزيز صمود الدولة في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية”، تتطلب إصلاحاً عميقاً في أساليب الحكامة.
وأوصى الباحثان بضرورة إشراك الشباب بفاعلية أكبر في صنع القرار وتفعيل آليات المساءلة والشفافية في التدبير العمومي، مؤكدين أن معالجة هذا التراجع في الثقة ليست مجرد مسألة سياسية بل هي ضرورة للمستقبل التنموي للمغرب واستقراره.