الاقتصادية

النحاس يواصل الصعود التاريخي وسط تقلبات العرض والطلب وعودة قوية للصناديق الاستثمارية

سجّل سعر النحاس في بورصة لندن للمعادن (LME) مستوى قياسياً جديداً عند 11,200 دولار للطن المتري يوم الأربعاء، مدفوعًا بمجموعة من العوامل الاقتصادية الكلية والجزئية، إضافة إلى عودة ملحوظة للصناديق الاستثمارية بعد فترة من الحذر والابتعاد عن السوق.

تشير بيانات بورصة لندن إلى أن مراكز الشراء المفتوحة لعقود النحاس ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ مارس الماضي، أي قبل موجة الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي أطلقت ما وصفه بـ”يوم التحرير” وأسفرت عن اضطرابات في الأسواق العالمية.

وكانت المخاوف من اندلاع حرب تجارية شاملة بين الولايات المتحدة والصين — أكبر مستهلك للنحاس عالميًا — قد كبحت الأسعار في وقت سابق من العام. لكن الهدنة الجزئية بين ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ خفّفت بعض الضغوط، مما أعاد النشاط الاستثماري إلى “المعدن الأحمر”.

تزداد ضغوط العرض في السوق، إذ أشار تقرير المجموعة الدولية لدراسة النحاس (ICSG) إلى أن سلسلة من الحوادث والكوارث التي ضربت المناجم هذا العام قد تؤدي إلى عجز في المعروض من النحاس المكرر بحلول 2026.

ومع انخفاض المخزونات العالمية، أصبح من الواضح سبب اهتمام المستثمرين بالمعادن الأساسية مجددًا.

بعد اضطرابات مارس، تجنّبت الصناديق الاستثمارية الانخراط في تداول النحاس لفترة، خاصة مع تهديدات الرسوم الأميركية على النحاس المكرر، مما أدى إلى انخفاض مراكز المستثمرين في عقود النحاس الأميركية (CME) إلى أدنى مستوياتها في عقد من الزمن بحلول أغسطس.

مع تعافي الأسعار وصدور تقارير عن خفض إنتاج كبرى المناجم في أغسطس، قفزت المراكز الطويلة لعقود النحاس في بورصة لندن من 55,325 عقدًا إلى 87,152 عقدًا، بينما تراجعت المراكز البيعية، ما يعادل تحولاً في المراكز بأكثر من مليون طن متري نحو الشراء.

في الولايات المتحدة، ارتفع حجم الاهتمام المفتوح في بورصة CME إلى أعلى مستوى في أربعة أشهر، رغم غياب تقرير التزامات المتداولين الأسبوعي (COT) نتيجة إغلاق الحكومة، مما يصعّب تتبّع تحركات الصناديق بدقة.

تراجعت المراكز البيعية للمستثمرين في النحاس ببورصة لندن إلى النصف منذ أبريل، مدفوعة بالارتفاع الحاد في الأسعار الذي دفع صناديق الزخم إلى تغطية مراكزها القصيرة.

كما أن انخفاض المخزونات في مستودعات بورصة لندن عزّز تراجع المبيعات المكشوفة، حيث ارتفعت الفروقات بين السعر الفوري والعقود الآجلة لثلاثة أشهر إلى 224 دولارًا للطن في وقت سابق من الشهر.

ورغم عودة السوق إلى حالة “الكونتانغو” (ارتفاع السعر الآجل عن الفوري)، يبقى الفارق الحالي عند 25 دولارًا فقط، مقارنة بمستوى 90 دولارًا المسجل في أغسطس، في ظل استمرار عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأميركية على النحاس المكرر.

ووفقًا لريتشارد هولتوم، الرئيس التنفيذي لشركة “ترافيغورا”، فقد تراجعت مخزونات LME إلى 135,350 طنًا من 159,000 طن في يوليو، بينما لا تتجاوز المخزونات غير المسجلة 30,477 طنًا.

في الصين، انخفضت صادرات النحاس المكرر من 118,400 طن في يوليو إلى 26,400 طن في سبتمبر، مع توجّه الجزء الأكبر منها إلى تايلاند وفيتنام، التي لا تستضيف مستودعات معتمدة من LME.

يستمر فارق الأسعار بين النحاس الأميركي والدولي في عكس أثر الرسوم الجمركية، وهو ما قد يهدد المكاسب الأخيرة للصناديق الاستثمارية. فحتى بعد وصف ترامب للقاءه مع شي بـ”المذهل”، تظل الأسواق مترددة بشأن ما إذا كانت الهدنة تمثل مجرد توقف تكتيكي أم تحوّلًا استراتيجيًا حقيقيًا.

وفي صباح الخميس، تراجع سعر النحاس دون مستوى 11,000 دولار للطن مع تحوّل المستثمرين إلى الحذر وإعادة تقييم المخاطر الجيوسياسية والتجارية. ومع أن العوامل الأساسية المتعلقة بالعرض والطلب لا تزال داعمة للأسعار، إلا أن الصورة العامة للسوق تظل غامضة، مما يجعل التقلبات الأخيرة في الأسعار بعيدة عن نهايتها.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى