النحاس يرتفع وسط تعريفة ترامب الجمركية وتكدس المخزونات الأميركية

شهدت أسعار النحاس ارتفاعًا ملحوظًا خلال تداولات الخميس، رغم قوة الدولار مقابل معظم العملات العالمية، في ظل استمرار تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات المعدن.
وجاء إعلان ترامب عن تعريفة جمركية تصل إلى 50% على واردات النحاس كعامل رئيسي دفع الأسعار في السوق الأميركية إلى مستويات غير مسبوقة.
غير أن خبراء يتوقعون أن تتراجع أسعار النحاس تدريجيًا خلال الأشهر القادمة، مع تصريف المخزونات الكبيرة التي جمعها المتعاملون قبيل تطبيق الرسوم.
وكانت وزارة التجارة الأميركية قد بدأت تحقيقًا في فبراير الماضي، حيث كانت التوقعات آنذاك تشير إلى رسوم قدرها 25% فقط، لكن الإعلان الأخير رفع سقف الرسوم إلى 50%، مما دفع السوق إلى تراكم كميات ضخمة من النحاس، ورفع سعر المعدن في بورصة COMEX بنسبة تجاوزت 25% منذ بداية العام وحتى بداية الأسبوع الجاري.
وصل سعر النحاس في بورصة COMEX إلى أعلى مستوى قياسي عند 5.6820 دولار للرطل (أي 12,526 دولارًا للطن المتري) عقب إعلان ترامب، وهو أعلى بأكثر من 2,900 دولار عن السعر القياسي في بورصة لندن للمعادن (LME) التي تُعتبر المرجع العالمي، حيث بلغ السعر هناك نحو 9,600 دولار للطن.
على الجانب الآخر، يشير محللون إلى أن الأسعار الأميركية سترتد إلى الانخفاض بمجرد زوال حالة الغموض والقلق الناتجة عن الرسوم الجمركية.
فقد توقع توم برايس، المحلل في Panmure Liberum، أن الطلب على النحاس في الولايات المتحدة سينخفض بنسبة قد تصل إلى 16% هذا العام، بسبب تباطؤ النشاط الصناعي وزيادة الضبابية حول السياسة الجمركية، ما سيؤدي إلى تقليص الاستهلاك وتأجيله.
وبحسب بيانات تحليلية لشركة Macquarie، شهدت الولايات المتحدة فائضًا هائلًا في المخزونات، حيث تجاوزت واردات النحاس 881,000 طن متري خلال النصف الأول من العام، مقابل طلب فعلي لا يتجاوز 441,000 طن، ما خلق فائضًا يقدر بـ440,000 طن متري موزعة بين المخازن المعلنة في COMEX والمخازن غير الرسمية داخل سلاسل التوريد.
تراكم المخزونات كان واضحًا بشكل خاص في مستودعات COMEX، التي شهدت زيادة في المخزون بنسبة 135% منذ مارس الماضي، بينما سجلت مخزونات النحاس في بورصة لندن انخفاضًا حادًا بلغ 66% منذ فبراير، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ أغسطس 2023.
ويشير السوق إلى أن بعض هذه المخزونات الأميركية لا تزال في مناطق التجارة الحرة، ما يسهل إعادة تصديرها، على عكس كميات أخرى في مستودعات تخضع للرسوم الجمركية، والتي تحتاج حوافز مالية كبيرة لإعادة تصديرها، وفقًا لما قاله دنكان هوبز، مدير الأبحاث في Concord Resources.
علاوة على ذلك، تضاف إلى عوامل عدم اليقين احتمالات استثناء دول معينة من التعريفات الجمركية، لا سيما تشيلي التي تمثل حوالي 70% من واردات النحاس الأميركية. مثل هذه الاستثناءات قد تقلل من الفارق السعري بين السوق الأميركية والأسواق العالمية.
ويتوقع محللون في بنك Citi أن تستفيد دول مثل كندا وتشيلي والمكسيك من تخفيض الرسوم إلى 25% فقط، باعتبارها شركاء تجاريين أساسيين للولايات المتحدة.
في الوقت الحالي، يجد المتعاملون الذين تراكمت لديهم كميات كبيرة من النحاس أنفسهم أمام تحديات لتصريف هذه المخزونات بأسعار مرتفعة، خاصة إذا ما انخفضت علاوة السعر في السوق الأميركية.
وبينما ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.2% إلى 97.7 نقطة، سجلت عقود النحاس الآجلة تسليم سبتمبر زيادة بنسبة 2.3% إلى 5.61 دولار للرطل، مما يعكس حالة الترقب الحذرة في السوق.